“إيكواس” ومعضلة التدخل العسكرى فى النيجر
عمار العركى-كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي – السودان
الأثنين 21 أغسطس 2023
* فى خطاب متلفز ومباشر لرئيس المجلس العسكري في النيجر “عبدالرحمن تياني”،فى أعقاب لقائه بالوفد الأفريقي،انتقد فيه الحصار المضروب.على بلاده من قبل “إيكواس”،الذي أدى إلى تضرر الشعب بسبب العقوبات.، كما أكد استعداد النيجر حكومة وشعبا في الدفاع عن نفسها، وأن أي تدخل من “إيكواس” يعتبر احتلالا.
* وأوضح تياني “أن المجلس ماض في العملية السياسية والفترة الانتقالية التي ستستغرق ثلاث سنوات ، مشيراٌ الى وقوف “مالي وبوركينافاسو” مع النيجر في مواجهة التحديات.
* خطاب رئيس المجلس العسكري يشير إلى عدم خضوعه لإيكواس، ويرمي بالكرة مجددا في ملعبها، عقب تلويحها بالتدخل العسكرى، فى أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس النيجري المنتخب “محمد بازوم” في 26 يوليو الماضي
* فقد هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تضم (نيجيريا، بنين ، بوركينا فاسو ، غينيا، ساحل العاج، مالي، النيجر، السنغال،توغو ، غامبيا، غانا، ليبيريا، سيراليون، الرأس الأخضر ،غينيا بيساو.) وتُعرف اختصاراً ب “ايكواس”، بالتدخل العسكري بهدف إعادة الحكومة الشرعية الى سدة الحكم.
* “إيكواس” تدخلت منذ إنشائها بشكل مباشر في عدد من صراعات القارة الأفريقية، وأفلحت فى إخمادها وحسمها مثل الحروب الأهلية في ليبيريا،و سيراليون ، تدخلها في “غينيا بيساو” أثناء التمرد المسلح في 1998-1999، ، وفى عام 2003 كان لها دور ملموس في “ساحل العاج” بعد تمرد هناك” ثم في “مالي” بعد لمساعدة الحكومة على استعادة السيطرة على الشمال الذي سقط في أيدي المتشددين الإسلاميين، وفي عام 2005، تدخّلت إيكواس في توغو عندما توفي الرئيس سينغبي، واستولى ابنه على السلطة بشكل غير دستوري، فأجبرت المجموعة الابن على الاستقالة وإجراء إنتخابات رئاسية،كذلك وساطتها لحل الأزمة التي كانت تمر بها غينيا عام 2007 وانتهت باختيار الرئيس “لانسانا مونتا” رئيسا للدولة وللحكومة، كما تدخلت المجموعة في غامبيا في عام 2017 عندما رفض الرئيس المنتهية ولايته “يحيى جامح”، الذي خسر الانتخابات تسليم السلطة للفائز فيها.
* هذه المرة لا نعتقد بأن تدخل”إيكواس” فى “النيحر” بذات نجاعتها ونجاحاتها فى التدخلات السابقة لعدة متغيرات وعوامل إستجدت ، فالنيجر دولة كبيرة المساحة تقع في قلب منطقة الساحل قياسا بدول الصراعات السابقة كغينيا وسيراليون ، وتمتلك جيشا
خبرة في القتال وحصل على تسليح متقدم وتدريبات من الجيش الأمريكي.
*يضاف إلى تعقيدات المشهد إعلان مالي وبوركينا فاسو في بيان مشترك أن أي تدخل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر سيعتبر “إعلان حرب” ضدهما. وحذّرت سلطات مالي وبوركينا فاسو المنبثقة عن انقلابين من أن “أي تدخل عسكري ضد النيجر سيؤدي إلى انسحابهما من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وإلى اتخاذ تدابير في إطار الدفاع المشروع لدعم الجيش والشعب في النيجر”، إضافة لإنشغال جيش نيجيريا (اقوى جيوش المنطقة وأكثرها تدخلا فى الصراعات السابقة تحت لافتة إيكواس)، وانهاكه بحروب داخلية بسبب حركة “بوكو حرام” الإرهابية
* فبالتالى أي تدخل عسكري في النيجر، يحمل في طياته “مخاطرة كبيرة للغاية، إذ قد يؤدي ذلك الى تداعيات وإنشقاقات داخل “إيكواس” و اندلاع حرب كبرى تعصف بما تبقى من هامش إستقرار أمنى بالمنطقة
* خلاصة القول:
– أى كانت السيناريوهات المُستقبلية ، فإن انقلاب النيجر سيُشكل علامة فارغة ونقطة تحول ليس داخل منطقة “إيكواس” وحدها ، بل كل أفريقيا ، فالإنقلاب وما تلاه من تداعيات على منطقة الساحل يشير إلى تحول جيوسياسى حقيقي في السياسة البينية بالقارة ومكانة القوى الخارجية فيها.