مقالات
الخطوة التالية : حل الأزمة السياسية في السودان
معتز بركات-صحفي سوداني
الراصد الإثيوبي -السودان
الأثنين 27 فبراير 2023
الأنانية و الذاتية و الإقصاء و التشفي و ضيق و انسداد الأفق السياسي وعدم الاستعداد و القابلية لقبول الآخر كل ذلك وغيرها الكثير من أسباب تردي الأوضاع في السودان.
عدم وجود أحزاب مؤهلة لممارسة العمل و الفعل السياسي و عدم وجود وامتلاك برنامج عملي يخاطب جذور المشكلة التي تعترض مشروع الانتقال المدني والتحول الديمقراطي و فشل ما يسمى بالأحزاب منذ استقلال السودان قبل67 عاما في إنجاز مشروع وطني متكامل يخاطب مطلوبات الحكم ويمتلك رؤى حالية و مستقبلية لمجابهة الراهن السياسي.
من عجائب و غرائب السياسة في السودان ان الأحزاب والقوى السياسية الأخرى تفاجأت بخطاب الفريق ابنعوف الذي أعلن فيه آنذاك اقتلاع نظام الرئيس البشير للأسف الشديد لم تستوعب القوى السياسية متغيرات المشهد و ظنت أن بالأمر خدعة وذلك لبساطة وسهولة التغيير الذي تم و عندما تيقنت أن الأمر جد ظهر للعيان مدى هشاشة و ضعف بنية هذه الأحزاب من حيث التنظيم و امتلاك الرؤى و البرامج أو حتى مستوى الفكر الذي يجب أن تتحلى و تتصف به مثل هكذا مؤسسات منوط بها قيادة و حكم بلد بقامة السودان، الأمر الذي أدى إلى تفشي فيروس خطاب الكراهية و القبلية و الجهويه وسقط جراء مئات الجثث من ابناء الوطن الواحد ضحية لانتشار هذه الدعاوي و ذلك بسبب التشاكس بين هذه المكونات السياسية التي انصرفت للصراع حول السلطة و الحكم و دخلت البلاد نتيجة لذلك في نفق أزمات سياسية و اقتصادية وأمنية و حالة من الفوضى والكساد في الأسواق و شهد السودان حالة غير مسبوقة في التضخم الذي ارتفع بمعدلات قياسية الأمر الذي أدى بدوره إلى دخول قطاعات َواسعة من المواطنين تحت خط الفقر.
و لكن المهم في الأمر ما هو المخرج الحقيقي من هذا الدرك السحيق الإجابة في تقديري تكمن في جلوس العقلاء من ابناء الشعب السوداني في طاولة حوار وطني جاد لا يستثني احد من مكونات المجتمع السوداني يتم التراضي من خلاله على إنجاز مشروعات الدستور و السلام وعمل خطة اقتصادية اسعافية عاجلة لإيقاف التدهور الذي أصبح يمثل أكبر مهدد حقيقي للشعب السوداني هذا إلى جانب حسم الانفلات الأمني الذي تفشى مؤخرا في عدد من المناطق.
وقف التراشق بين القوى السياسية الفاعلة و التوافق والتراضي الوطني و سيادة حكم القانون و الحوكمة والحكم الرشيد فيما تبقى من عمر الفترة الانتقالية التي تدخل عامها الرابع وصولاً مرحلة الانتخابات العامةو يعتبر ذلك من أكبر التحديات التي تواجه مستقبل العملية السياسية حاليآ ولذلك لا بد من إعلاء وترقية الحس الوطني و بذل المزيد من الجهد والتضحيات من أجل المحافظة على السودان موحدا وتجنب الانزلاق في مستنقع الحروب و التشظي والدخول في غياهب الفرقة والدخول متاهات لا نستطيع الخروج منها إلا بثمن باهظ يصعب علينا دفعها.
لقد أصبحت بلادنا مؤخرا مسرحا للتدخل الأجنبي ومرتعا لصراع مخابرات بعض الدول بصورة سافرة ولذلك يجب إيقاف اي مظهر من شأنه انتهاك السيادة الوطنية فورا. ان القوات المسلحة السودانية تمثل صمام الأمان والاستقرار و لذلك هي ليست موضعا للكسب الرخيص و بقوميتها و ما تبذله من دماء تعتبر خطأ احمرا يجب ألا يتم تجاوزه و نقول ان الجيش ليس مكاناً لللمزايدة.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،