مابيننا والسودان …علاقات أقدم من الساسة والسياسة (5)
أنور إبراهيم أحمد -كاتب إثيوبي
الراصد الإثيوبي – أديس أبابا
الجمعة 27 يناير 2023
قد يستغرب المتابع للتطورات في الملف السياسي الإثيوبي والسوداني ، وهذا ليس بغريب لأن العلاقة بين البلدين أساسها الشعوب لأ السياسيات ،ولاالحكومات التي تتغير بحسب المتغيرات الجيوسياسية من وقت لأخر ، فالعلاقات التاريخية بين الدولتان منذ أن خلق الله البشر علي هذه الأرض ، وقبل أن يدخل المستعمر ويقوم بعملية وضع حدود جغرافية تعمل لفصل الأخ بأخيه ،وتعزل ثقافات وتاريخ مشترك ظل لفترات طويلة سمة وعنصر مهم جدا بين هذه الشعوب التي خلقها الله هنا في هذا الموقع لحكمة ما .
فتطور المشهد السياسي في وقتنا الحالي ز كان الجميع يتوقع أن مابين أديس أبابا والخرطوم ، قد واجه تحديا يعصب ولا لأيمكن للمياه أن تعود لمجاريها مرة أخري ، الإ أن المياه عادت لمجاريها دون أي تدخلات وتسير الروح في الجسد الإثيوبي السوداني بدون أي جهد ،وتعود إثيوبيا مرة أخري ليكون لها دور في دعوة الأطراف السودانية ، لكي تجلس لحلحلة الخلافات التي ظلت تواجه البلاد لفترة طويلة، وربما قد نشهد الملفات السودانية داخل أروقة الفنادق الإثيوبية كما كان في السابق منذ السبعينيات ومرورا بالعديد من المفاوضات التي كانت مابين الشمال والجنوب ، وقد تكون الزهرة الجديدة مقرا لها ، والقادة الإثيوبيين والأفارقة يلعبون دورا في خلق تقارب وأحتواء الملفات والخلافات السودانية سودانية .
أن العلاقات الإثيوبية السودانية التي يعتبر أساسها التواصل الشعبي والتداخل القبلي والحدودي ،والتاريخ الذي لأ ينسي كيف وقفت الشعوب مع بعضها البعض في أوقات المحن والمصائب ،وعلي الرغم من الحدود الجغرافية التي وضعها المستعمر ، يمكن للشعبين الإثيوبي والسوداني أن يكونا الأقرب لخلق وحدة وتماذج كنموذج في المنطقة الشرق أفريقية ، لما بينهما من تشابه وتواصل وتصاهر وتداخل ، ومصالح مشتركة لأيمكن أن تحددها الحكومات مهما أختلفت ووقفت السياسات الداخلية والخارجية عائقا أمامها للعمل معا .
ظلت العلاقات الإثيوبية السودانية ، تواجه من وقت لأخر تحديا في ظل تطورات متعددة “الحدود ، سد النهضة ، التحركات الدولية ،عصابات الشفتة،الأجندات المختلفة للحكومات ، أتجاهات الأنظمة من وقت لأخر “.
ولكن علي الرغم من ذلك يصل لم الأمر لقطيعة طويلة الأم ،الشارع في البلدين الإثيوبي والسوداني قد يتاثران من وقت لأخر بناء علي تحركات الحكومات والساسة والتقلبات في البلدان ، ولكن تظل العلاقات بين الشعبين أقوي بكثير ، وتتخطي الخلافات السياسية التي تفتعل من وقت لأخر ، في ظل التحركات التي تشهدها المنطقة .
أن علاقات قوامها الترابط الشعبي والتصاهر والتداخل بين الشعوب، التي تشترك في العديد من العناصرالحياتية والمعيشية والثقافية ، تعتبر أقوي بكثير من أي مؤثرات سياسية ،والتي قد لأيكون لها تاثير سوي لبعض الأوقات .
أن أي حراك في أحدي الدولتان له تاثير بصورة مباشرة علي الأخري ، وهذا ماشهدناه خلال الأحداث التي وقعت في السودان عام 2019، وأحداث حرب الشمال الإثيوبي “أقليم تقراي “، والتي تضرر بسببها السودان بسبب النزوح وأنتقال بعض الصراعات علي حدود الدولتين .
ولم يكن بجديد أن ينزح الإثيوبين للسودان لأ لغيره ، نسبة لأن الشعبين يعرفان بعضهما البعض ، فكان ماتوقعه الإثيوبيين من أستقبال جيد كما حدث أبان مجاعة 1985 واحداث 1991، ونزوح الالاف من الإثيوبييين الي مناطق شرق السودان .
ومع الهجرت ياتي التواصل والتداخل الثقافي ونشر الموروث الثقافي ، من موسيقي وأطعمة وتراث وغيرها ، والتي ظلت خالدة في المجتمعات السودانية وباتت جزء من ثقافة السوداني ، الذي يسأل عنها في أول زيارة له الي الهضبة الإثيوبية ، وتجده يتغني مع فنانينا ولن يتفأجئ عندما يستمع لأغاني وردي وسيد خليفة ، وقد يندهش عندما يمسع لالحان سودانية بكلمات إثيوبية .
في أوقات كانت الالحان السودانية والإثيوبية ، لأيستطيع أن يفرق بينهما المرء ، لمن هي وأين بدأت وكيف وصلت الي هنا ، في ظل أشتراك الشعبين في السلم الخماسي والأيقات الشعبية ، وبحسب الموسيقي والتواصل مع الأخرين .
وهنالك شعراء وفنانيين وملحنين ، جعلوا محبي الموسيقي في البلدين في حيرة من أمرهم ، ولمن كان اللحن أولا ، مابين خليل فرح ، و أسفا أباتي الي طلاهوون قيسي ، ومن منليك وسناتشو الي سيد خليفة ،ومابين لحن عازة في هواك الي “وين يا ناس حبيب الروح” و اداء أحمد المصطفي والفلاتية ، واسفا باتي .
هكذا نحن نترنم ونغني ، وونداح ونرقص ونتمايل طربا ونعيش مابين أيقاعات متعددة ، ونتفنن في لفظ الكلمات باللغات العربية والأمهرية والتقرنجة وغيرها ،ولأنختلف لمن هذه الأغنية أو اللحن ، لأنها لنا جميعا كشعوب وجدت في المنطقة ليس بأختيار منها ، ولكن لحكمة من الخالق عز وجل .