كيمياء العلاقات والروابط السودانية الأثيوبية

كيمياء العلاقات والروابط السودانية الأثيوبية

عمارالعركى – صحفي وكاتب سوداني

الإثنين 21 نوفمبر 2022

يلحظ المتابع بأن عناصر كيمياء العلاقات والروابط السودانية الأثيوبية – بكل أشكالها- وعند تفاعلاتها علي مر التاريخ السياسي خلال الثلاثة عقود الماضية والتي شهدت سيطرة نظاميين متحالفين (الإنقاذ والمؤتمر الوطني في السودان – وياني التقراي في أثيوبيا)، وتمكنا من حكم البلدين وفق إسترتجيات وأنماط متشابهة لحد كبير خلال تلك الفترة.

مثلما أفرزت كيمياء العلاقة وروابطها المشتركة أنظمة حاكمة متشابهة،ووفق المعادلة (الكيميسياسة)كان لأبد من إفراز معارضة متشابهة، نتج عنها إستنساخ ثورتين متزامنتين علي درجة عالية من تطابق وتماثل البدايات والنهايات، ومن حيث وحدة (الأسباب والدوافع ، الوسائل والأدوات ، النتائج)، تخللها تطورات وتداعيات أفضت إلي الواقع السياسي الراهن في البلدين.

فالثورتين قامتا ضد نظاميين متحالفين بسبب الغُبن والإحتقان والإستبداد، مدفعوتان بمطالب الحرية ،العدالة ، السلام ،ووقودها وعمودها الفقري (الشباب) ،ووسائلها تمثلت في الإحتجاجات السلمية وكانت وسائل ووسائط التواصل الإجتماعي الأداة الرئيسية في نجاح الثورتين وإزاحة حكم المؤتمر الوطني والتقراي، وذلك قبل حدوث تفاعلات وتحولات  فى تركيبة الثورتين  أفضت الى صعود كتل ثورية كسلطة حاكمة  لأحقا وفق ميلاد تحالفات ثورية سياسية (قوي الحرية والتغيير.في السودان- وحزب الإزدهار في أثيوبيا) ،

ونسبة للتحديات والإختلافات التى سريعا مع.تطفو على سطح أى ثورة بعد نجاحها بسبب سباق إستحقاق قسمة السلطة والثروة فكان بروز تحالف بين أبي أحمد المنحدر من قومية الأرومو مفجرة الثورة ،وقومية   الأمهرا في أثيوبيا ، وبالتالى تفاعلت الثورة السودانية مباشرة ، وافرزت  قيادة ثورية   من أربعة أحزاب كشريك مدنى مع الشريك العسكرى فى حكم السودان وفق وثيقة دستورية تم التوافق،حولها بواسطة أثيوبية ، ليصبح المشهد النهائي بروز ونمو سلطة ثورية فى ظل تقاطعات مع حواضنها  حواضنها السياسية. الأساسية  .

فيما بعد توالت التطورات السياسية المتشابهة فى البلدين ما بين تثبيت دعائم فكرتى (الإزدهار) فى أثيوبيا و (الحرية التغيير) فى السودان  الأربعة، فى ظل عقبات وتحديات  الإصلاح والتصدى لسلبيات  الممارسة والتطبيق من بعض الشركاء والحلفاء  وبروز خلافات داخل الحواضن السياسية فكانت العجلة فى تدارك التمكين والسيطرة والتحكم السياسى وإبطال مفعول القوة المضادة للإزدهار والحرية والتغيير بتفكيك نظامي التقراي والمؤتمر الوطني ، صاحبه تصفية لحسابات داخل المكونات  الثورية تحت دعاوي فلول ونظام بائد ، لتحقيق مكاسب وسياسات ذاتية لكل المكونات التى تشكل المشهد السياسى فى البلدين على مستوى المكونات (الثورىة ، الحزبية ، المدنية ، العسكرية ) الأمر الذى،أفضى الى ما هو عليه الوضع الراهن من  إلي أزمات أمنية وسياسية وإقتصادية ، واوجد تحديات وتهديدات على الصعيد الداخلى لكل دولة  الداخلى ، وعلى صعيد العلاقة المشتركة ، بشكل  يهدد وحدة وإستقرار البلدين (الفشقة ، شرق السودان ، سد النهضة ،المواجهات العسكرية علي الشريط الحدودي والأقاليم المتأخمة والمتداخلة بين البلدين (التقراي ،بني شنقول ،الأمهرا).

فيما بعد ، المشهد السوداني أفرز تطور مختلف حول كونه  إنقلاب أم  تصحيح. وتغيير سياسي بتخطيط عسكري كنتيجة حتمية لتلك التطورات والتداعيات بدعوي تفادي المهددات والمخاطر وإستراداد الثورة وتصحيح مسارها بحسب بيان القائد العام لقوات الشعب المسلحة السُودانية.، وفيما بعد تبلور الأمر الى ابتعاد الجيش عن السياسية على ان يترك السلطة لتوافق سياسى بين كل المكونات السياسية يعكف كل الفاعلين والمؤثرين للوصول لهذه النقطة المهمة.

* بينما المشهد الأثيوبي في طور تخلق وإفراز وشيك “لحوار وطني” نادى له آبي احمد ، وإن بدأ متعثرا وسط تحديات جسام ومعارضات متوقعة من بعض المكونات ، ولكنه مضى وتقدم ، وحقق ما لم يكن متوقع في بعد اسكات  صوت البندقية ووضع  الحرب أوزارها ، والوصول لاتفاق سلام مع جبهة التقراى ، ولكن لا زال مطلوب كثير من الجهد والبذل بغرض تامين نجاح الاتفاق من جهة ، والحاق الجبهات الأخرى بمشروع الحوار الوطنى وقطار السلام الذى.تحرك

المتابع الملم “بكيمياء وتركيبة العلاقات السودانية الأثيوبية” ، لا يستبعد حدوث إختراقات إيجابية في ظل هذه التناقضات ، نسبة.لأن العلاقة في أصلها قائمة علي معطيات وعوامل “شخصية” ،”ممثلة في مصالح تكتيكية مؤقتة”  خاصة بأنظمة حاكمة ومؤسسات محلية في البلدين ، ليس لديها علاقة بإلإستراتيجيات التي  تقوم علي النمط التقليدي،المعروف.الذي يؤام بين  ” المصالح الخاصة لكل بلد ، والمصالح المشتركة بين البلدين “

كذلك.نجد هنالك اختلال في “التركيبة الداخلية” في كل بلد نحو كيمياء العلاقة البينية – فالأمهرة الشريك النافذ في حكم اثيوبيا –  لديها رؤي وزاوية نظر مغايرة عن شريكها الآخر – آبي احمد ومكونات الحزب الحاكم ، وذات الوضعية ، كانت موجوده حين شراكة  الحكم في السودان بين  المكونيين العسكري والمدني  – وان كان بدرجة أقل. فهنالك العديد من الأمثلة والشواهد التى تؤكد على تطابق وتماثل العوامل والعناصر التى تصنع المشهد الداخلي لكل بلد ، بصورة تؤثر وترسم مسار العلاقات بين البلدين.

  خلاصة القول ومنتهاه :

* من خلال الواقع والوقائع، مقرونة بمستجدات طرأت على  مواقف آبي احمد وحكومته، وأخرى طرأت على واقع السلطة الإنتقالية فى السودان ، وفي ظل التوجه  الدولى والإقليمي  والمقرون بتحركات  نحو التسويات والحلول ،  فلا استبعد حدوث إختراق إيجابي علي مستوي الداخل الأثيوبي السودانى ، وعلى مستوي العلاقات السودانية الأثيوبية .

بالتالى ، وفى ظل كل ما ذكر من تعقيدات وتشبيكات  وازمات سياسية وفوضى أمنية ،أرهقت وأعيت قيادة البلدين ، لأ استبعد بأن تكون قيادة البلدين وصلت لقناعة تامة بأن (الحل والحسم) بيد خبراء الحلول السحرية فى مخابرات البلدين ،  فكان اللقاء الأول  “التمهيدى” لقيادات  البلدين فى كينيا ، ثم تلاه آخر “إعدادى”

فى مدينة بحر دار والوصول لتفاهمات وترتيبات من ضمنها تفويض كامل لأجهزة مخابرات البلدين بغرض، (التنفيذ) والعمل على إعادة ترتيب الأوضاع لطبيعتها وإصلاح ما أفسدته السياسة ، وألحظ  ان مخابرات البلدين  احرزت تقدما ملحوظا ، وقطعت شوطا كبيرا في واثيوبيا ، محاولات إعادة ضبط المصنع.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،