(سوسينا) خلاسية بلون الهضاب ونكهة البن .. (sosina)
خالد عبد النبي -كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي – أديس أبابا
الأثنين 7 نوفمبر 2022
سوسينا وتعنى زهرة السوسن صبية من مدينة قوندر وتعيش فى أديس أبابا حيث تعمل فى مطعم فخيم قرب مكان سكنى فى نزل أبيسينيا ، لونها خلاسي يجمع بين بياض الابتسامة الاحباش وسمرة افريقيا ، تبتسم لأقصى حدود السعادة والرضا ، حين تضحك تبدوا مثل طفلة ثم تسكن لتستحيل ملامحها لشخص ناضج يعمل بجد وقناعة ومبادئ ، وحين تختلط كل تلك الملامح تكون عصية على التفكير ولا شئ يفك طلاسمها سوى رسام ماهر ..
أول عهدى بها حين أرسلت أراقا أخى الأصغر ليحضر لى قهوة تجعلنى أتذوق طعم الهضاب وساعتها لم تمض سوى ساعتين من الشوق فى مقياس عناقى لأديس أبابا ، لم تمر لحظات حتى أتت سوسنا بكل البهاء والنداوة تحمل القهوة بكامل مستلزماتها لتصب لى فنجان يذهب (خرمة) امتدت لعام كامل ، همست لدواخلى ان كل هذه الأوانى لخاطر فنجان قهوة لا يزيد عن (خمسة بر ) تعادل نسبة ضئيلة من الدولار وكل هذا التقدير من هذه الخلاسية لى أنا وحدى ، وان كنت ساعتها فى بلد غير ومكان مختلف لتحملت المشوار والأنتظار لتظفر بقهوتك والا فلتذهب دون مأسوف عليك كزبون يدفع ليرتشف وتزيد حصيلة أموال من يعرض بضاعته فى السوق ليتربح.
المهم فى الأمر ان سوسينا حيتنى بابتسامة وأنا جالس امام الفندق وسألتنى بأدب جم عن الملاعق التى أريد من السكر وأنا أزيد من دهشة اللحظات لأشعل الموقف بقافية اعجاب وتحنان واخاطبها بالامهرية (هوليت مانكا سكر) أى ملعقتين من السكر ، أبتسمت لى ابتسامة ثلاثية الأبعاد ،افتر ثغرها ثم بانت غمازتيها ثم ضحكت عيناها وتركتنى أسبح فى نيل الخيال الحار بفعل ما قد كان ودخان القهوة المتصاعد. وعادت بعد دقائق بنفس نشاطها وابتساماتها وطلبت القيمة المعروفة ولم تحسب لمشوارها او أننى فى زمرة السائحين أكون.
أصبحت قهوتى من سوسينا مثل كل الأشياء المهمة ولا يختلف الامر أن ابعث لها بتوسلات كيفى او احمل رأسي لها ، وفى كل يوم تثبت لى أنها ابنة النفوس الطيبة وانها مزيح من الروح المتسامحة وعنفوان الطبيعة المنسال فوقهم بردا”وسلاما”،
صديقى ناصر وهو مثل كل الرائعون الذين تعرفت عليهم فى أديس ابابا كان معى ذات نهار غائم ونحن ندلف الى حيث تهدهد سوسينا حبات البن وكأنها شئ عزيز ، صوت طقطقة من حبات تسترعى انتباهنا وانعكاس صفحة وجهها على مرايا الحياة يجعلنا نراقب ، رائحة البن تجعلنا أسرى هذه اللحظة وسوسنا تحكم القيد حول مزاجنا وتقرب لنا المقلاة نستنشق الرائحة ، حملته للداخل لتمهلنا ان نستجمع انفاس الاعجاب ونلوك عبارات الثناء ونحكى عن الحياة وصراعها وايجابية الانسان فى محاور الفشل والنجاح، زبدة ما توصلنا له ان سوسينا مثال حى للمرأة الاثيوبية التى تعد القهوة على الارض وتطير بأحدث الطائرات الى أبعد نقطة فى العالم ، امراة فى الجيش والشرطة والمستشفيات وكل مكان بل وقبل ذلك كله محاربة فى سنوات النضال التى مهرت فيها الحرية بدمائها ليحيا شعب وتسعد أجيال ، وسوسينا تعد نفسها لدور مهم فى حياة قادمة لها ولبلادها وهى فى أولى عتبات المستقبل تتعلم ان للعمل قيمة وللاحترام قبول وللانسانية ألف باب لتظل صاعدة تترقى حتى تبلغ مراميها..
سوسنا صبية من قندر المدينة الوادعة التى تنام على قيم جميلة وتصحوا على طبيعة أشبه بالارياف ، خلاسية وجميلة لحد يهزم الشعر والنثر، ابتساماتها موسومة على محياها ، تعد القهوة وهى تغنى ومخزون السعادة فى روحها مثل صاحب الفيلا المقابلة للمطعم الذى تعمل فيه .. التحية لها وهى خير مثال للمرأة الاثيوبية التى تشارك الأب والاخ والزوج فى الحياة وتعد نفسها لمستقبل مشرق لها ولبلادها التى تنموا وتزدهر لتمنح سوسينا الأمل والأبتسامة ..
مثلما قالت العرب(لكل من اسمه نصيب) ولكن سوسينا فاقت زهرة السوسن فى كل شئ لذا كان لأسمها والزهرة نصف نصيب بالتساوى.
لسوسنا هدية الأديب محمد المكى ابراهيم ..
الله يا خلاسية .. يا مكحولة العينين يا مجدولة من شعر أغنية .. يا وردة باللون مسقية..
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،