مقالات

من الاباي الي مقرن النيلين…….منقستو هيلي ماريام والسودان….. ومن الحب ماقتل

سلسلة مقالات حول شخصيات أثيوبية أحبها السودانيين وكان لها تأثير في توطيد دعائم المودة بين الشعبين الشقيقين.

 


عبدالسميع العمراني -كاتب سوداني 

الراصد الإثيوبي -السودان 

الأربعاء 16 أبريل 2026 

برغم من العداوة الظاهر محياها في تصرفات الرئيس الأسبق لإثيوبيا منقستو هيلي ماريام تجاه السودان واستمرت تلك الخصومة لأكثر من عقد من الزمان ، الا ان بعض المقربون منه يقولون ان منقستو يعشق السودان ويحمل مودة خاصة وكأن هنالك شيء ما خفي كان يجذبه الي الجار الغربي الأكثر ارتباطات وقربا لدولته وشعبه (السودان) ، حيث النيل العظيم والمصير المشترك وأشياء اخري كثيرة بينهما .
انتمي منقستو الي المعسكر الاشتراكي الماركسي الشرقي ، في حين اختار جعفر النميري المعسكر الغربي وامريكا ، فكان الفراق بينهما سريعا ، إذ احتضن كل منهما المعارضة المسلحة للآخر فاشتد اوار العداوة.
وكما هو معلوم أن نجم منقستو هيلي ماريام قد سطع في عالم السياسة في إثيوبيا أواخر عهد الأمبراطور العجوز هيلاسيلاسي ، ففي منتصف صيف 1974 م خرجت الي العلن مجموعة من الضباط الشبان ممن يتمتعون بقدر من الذكاء والطموحات الخاصة ، لانهم كانوا أصحاب دراية وخبرة حول مالات الاوضاع في إثيوبيا ، وبالفعل بدأت تلك المجموعة بالتحرك للتفاوض مع الأمبراطور وإقناعه بالتنحي عن الحكم سلمياً وتسليم السلطة ، وقاد تلك المفاوضات الكولونيل منقستو هايلي ماريام وهو عسكري صارم الملامح ، ولم يكن يدري احداً كيف ان ذلك الضابط غير المعروف تاريخه والي اي اسرة ينتمي ، قد نال الترقيات وصعد بشكل مفاجيء ليكون علي رأس الضباط الغاضبين من أجل إثيوبيا ، ولكن العديد من الروايات تشير الي أن منقستو هايلي ماريام غير المعروف نسب والده والي اي أسرة امهرية ينتمي والده ، ولكن تتحدث روايات سودانية عن أن والده من شمال السودان ووالدته امهرية تدعي (مريم) ، إذ نشر موقع النيلين السوداني بتاريخ 13 مايو 2013 م مقابلة مع سيدة سودانية أجرتها معها صحيفة (الدار) ، إذ ذكرت السيدة التي تنتمي لقبيلة الشايقية، وقالت أن اسمها امال حسن أحمد محاري ، وتقول ان والد الرئيس الإثيوبي الأسبق هو عمها أحمد حسن أحمد محاري شقيق والدها مباشرة وهاجر الي إثيوبيا خلال عقد الثلاثينيات من القرن الماضي ، وأضافت بالقول أن الرئيس منقستو قد زار مروي في العام 1982م وسأل عن أسرة محاري بعد أن افادته والدته (مريم) بمعلومات عن اصل والده ، وتضيف السيدة السودانية انه ومن سوء حظنا أن منقستو لحظتها لم يجد من يدله علي مكان الأسرة حينما سأل عنها في مروي خلال مناسبة جمعته مع الرئيس جعفر نميري ٍ

صورة حديثة لمنقستو هيلي ماريام

ومعروف لدي الاثيوبيين ان والدة منقستو هايلي ماريام كانت خادمة بالقصر الأمبراطوري وتربي الفتي في أحد جنبات القصر الملكي ، ولكن بعد أن أصبح الرجل الأول في أثيوبيا لم يجروء احد وقتها علي الحديث عن والده او تاريخ أسرته ، ولم يظهر له أقارب من جهة الاب و لذلك تبقي رواية السيدة السودانية هي الأرجح ، خاصة وان ملامح وجه الرئيس منقستو تشبه الي حد كبير ملامح الشايقية من ذوي البشرة السمراء ، وقد تمتع منقستو بنفوذ واسع داخل الجيش بسبب حبه لعمله واخلاصه للعسكرية وقد أكتسب هيبة كبيرة في أوساط الجيش بسبب انضباطه الصارم وشخصيته القوية ، و لكن كان يعاب عليه الحماقة والغضب السريع والإنفعال الذي يقوده لإتخاذ قرارات جنونية وخاصة القسوة الشديدة والتخلص من معارضيه بدم بارد .
وبنهاية أغسطس 1974م اعلنت اللجنة العسكرية المكونة من عدد (120) ضابطاً تأميم قصور الأمبراطور وعددها (15) قصراً بجانب تأميم كافة المؤسسات الإستثمارية التابعة للأمبراطور منها شركة مياه أمبو .
وظل الضباط يزورون الأمبراطور بين الحين والأخر في محاولات لإقناعه بقبول التنحي وتسليم الحكم لمجلس عسكري ، وخلال المفاوضات طلبوا منه الكشف عن حقيقة أمواله وثروته التي يتحدث عنها الشعب الإثيوبي ، وفي صبيحة الثاني عشر من سبتمبر 1974 م سمع سكان اديس ابابا هدير الدبابات والمجنزرات وناقلات الجنود وهي تجوب طرقات العاصمة اديس ابابا ، ودخل ثلاثة من الضباط الي مسكن الأمبراطور هيلاسيلاسي ، وبعد ان القوا عليه بالتحية قاموا بتلاوة قرار خلعه من الحكم ، وبعدها تمت اذاعة البيان الإنقلابي علي الإذاعة الإثيوبية ، ونشرته صحف اليوم التالي ويقول البيان ( إن الشعب الإثيوبي قد إعتبر العرش الإثيوبي روحاً للوحدة ولكن هيلاسيلاسي قد إستغل السلطة والمكانة ولم يحافظ علي الأمانة ، بل وظف تلك الثقة في أغراض خاصة ، ونتيجة لذلك وجدت البلاد نفسها في حالة فقر ، ولأن الأمبراطور يبلغ من العمر (82) عاما فإنه وبحكم السن المتقدمة يظل عاجزاً عن القيام بمسئولياته، لذلك تقرر خلع هيلاسيلاسي في الثاني عشر من سبتمبر 1974 م الموافق 2 مسركم 1967 م وفقاً للتقويم الإثيوبي ، ونعلن رسمياً إنتقال السلطة الي اللجنة العسكرية المؤقتة لإدارة شئون البلاد وختم البيان بعبارة – إثيوبيا للجميع ) .
وحين سمع الأمبراطور بيان الخلع لم يظهر الغضب بشكل واضح حتي أن البعض أعتبره مؤيداً لما حدث بكونه في صالح شعبه .

وبمثل ماكانت حياته صاخبة ومليئة بطقوس الأباطرة والسلاطين ، كان موته مثار جدل للإثيوبيين ، فحتي بعد مرور عقدين من الزمان وبعد دخول الثوار الي العاصمة اديس ابابا وطردهم للديكتاتور منقستو هايلي ماريام ، تجدد الحديث ً مرة أخري عن الطريقة التي تخلص بها حكام نظام الدرق من الأمبراطور هيلاسيلاسي ، فبعض الروايات تشير الي أن الجنرال منقستو هايلو ماريام قد تخلص من الامبراطور بنفسه ، اذ نشرت صحيفة الجزيرة السعودية بتاريخ الثالث من أبريل 2005 م في عددها الصادر بالرقم (11875) معلومات تشير الي أن منقستو قد أقدم بنفسه علي خنق الأمبراطور بعد أن دخل عليه في غرفته بالقصر ، وكان الأمبراطور قد أخرج من المستشفي بعد أن أجريت له عملية جراحية ناجحة ، وقد إغتاظ الجنرال منقستو وهو يشاهد الامبراطور وهو يبدو في صحة جيدة ويعبر وقتها عن دهشته من طول عمر الأمبراطور وتعافيه السريع ، فلم يتمالك نفسه وفضل أن يتخلص منه بطريقة هادئة ، ورغم نفي منقستو للواقعة الا أنها تبقي أرجح الروايات لأن منقستو قد طلب أن يتم دفن الامبراطور في قبر تحت مكتبه خشية من أن يدفن بعيدا ويبعث مرة أخري ويأتي للإنتقام منه .
وفترة حكم الرئيس الإثيوبي منقستو هايلي ماريام والتي إمتدت لحوالي سبعة عشر عاماً تعتبر من ضمن الفترات المثيرة في تاريخ إثيوبيا ، إذ أن الجنرال منقستو قد حكم إثيوبيا بالحديد والنار وكان أن اتخذ النظام الشيوعي الماركسي قدوة له وتحالف مع الإتحاد السوفيتي ، الا ان سنوات حكمه قد شهدت خلالها إثيوبيا العديد من الحروب والمجاعات ، حيث واجه منقستو تكتل قوات المعارضة المسلحة التي انطلقت من الأراضي السودانية ، حتي سقط في مايو 1991م ، وهرب الي هراري بزيمبابوي ومازال يعيش حتي الان في مزرعته الخاصة بعمر يقترب من التسعين عاما.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

من الاباي الي مقرن النيلين طلاهوون قيسسي ..بلبل الهضبة الذي بكي مغردا في هوي عازة السودان – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates