رؤية المستقبل بين تعقيدات المشكلة السودانية وأبعادها الإقليمية والدولية:

سعد محمد عبدالله -كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي -السودان
الجمعة 14 مارس 2025
بينما تعمل الحكومة السودانية من واقع مسؤوليتها علي تحقيق الأمن والإستقرار وإجراء حوار سياسي موضوعي وتكوين الحكومة طبقًا لما جاء في خارطة الطريق التي أعلنتها نجدها أيضًا تقف علي خطوط النار في مواجهة الأطماع الإستعمارية التي تسوقها حكومات مستبدة تسعى إلي نهب ثروات البلاد وتشريد شعبها وتقسيمها عبر تشكيل حكومة موازية في المنفى لا تحمل إلا إسم مزور ومقرها الفضاء الإسفيري ورفضت من قِبل الحكومات والهيئات الإقليمية والدولية، ونقف عند هذه الحالة السياسية والأمنية المعقدة للغاية في عالم شديد الإضطراب وضيق الخيارات وتحده أسئلة مصيرية تحتاج لإجابات دقيقة و واضحة، ويجب تأمل ما يجري اليوم علي سطح الساحة الوطنية والآفروعربية من تحولات سريعة ومخيفة جدًا تدور أحداثها حول المشهد السياسي والعسكري مع غياب أيّ رؤية لحل الأزمات، وهذه الأمور سوف تؤثر سلبًا علي السودان والمنطقة ككل، ورغم الشعور بعدم إهتمام العالم كثيرًا لما يحدث في السودان والإقليم وعدم إلتقاط إشارات الخطر الناجمة عن إستشعار مبكر ومرسل من لدن أقلام كُتاب أعمدة الرأي وتقارير الحكومات أمام الهيئات الإقليمية والدولية عن وقوع مثّل هذه الكارثة إلا أن الوقت قد حان الآن لأن نترك التلاوم ولطم الوجوه ونبحث جميعًا “خارج الصندوق” عن حلول عملية وجادة تجنب السودان والإقليم والعالم السقوط في المزيد من الكوارث الأمنية والإنسانية.
هنالك تطورات علي الخارطة الجيوسياسي تشوبها إستفهامات كثيرة ومثيرة للقلق والتوتر وتطرح أسئلة أكثر تعقيدًا حول المصائر المحتملة في ظِل توسع دوائر الحروب والنزوح واللجؤ والفقر والأوبئة في السودان والمحيط الإقليمي، وهذا الواقع المرير يحتم علينا النظر بعين ثاقبة إلي الاوضاع السياسية والأمنية التي تدور من حولنا الآن وتحليلها وحلها بكل واقعية ومسؤولية وإيجاد الطريق الآمن والأسلم والمؤدي إلي المستقبل المزدهر، وهنا نتتبع مجريات الأحداث علي الخارطة وتطوراتها من جنوب السودان والكنغو الديمقراطية إلي تعقيدات العلاقة بين اثيوبيا وإرتريا والصومال رغم الحلول الجيدة التي قدمتها الإتفاقية الآثيوصومالية بوساطة الحكومة التركية، وأيضًا أمامنا تحديات الجماعات الإرهابية المسلحة والمنتشرة في السودان وليبيا والجرائم العابرة للحدود وغيرها من نزاعات دول المنطقة حول النفوذ السلطوي داخل وخارج حدودها إلي محاولات السطو والسيطرة علي الموارد بمختلف أنواعها وطموحات الوصول إلي المنافذ البحرية والبرية وحرب المياه وما يجري في دول الشرق الأوسط؛ فكل ذلك لا يخرج من صناديق صراعات الأقطاب العالمية، ولكن أعتقد أن هذه الأحداث سوف تؤثر علينا بشكل أوسع مما قد يقع في أيّ دولة آخرى نسبة للرخو الأمني والتدهور الإقتصادي وتراجع حركة التجارة البرية والبحرية والإنتاج الزراعي والصناعي وبل ستهدد وجود الإنسان نفسه، وهذه المسائل تحتاج لحوار ممرحل وشامل وشفاف يضع الحل الناجع للأزمات السودانية والافريقية، وفتح بوابات التعاون بين قارة افريقيا والشرق الأوسط ودول العالم العظمى التي تحترم كرامة شعوبنا و وحدة وسيادتها بلداننا؛ وتعتبر مسألة بناء الإستقرار في السودان كدولة محورية مهمة للغاية لأنها تتوسط شريط واسع وملتهب من القرن إلي الساحل الافريقي وتمتلك موانئ بحرية مهمة وحدود ممتدة مع جيرانها وموارد ضخمة يمكن الإستثمار فيها لصالح الجميع، وتدرك حكومة السودان هذه الخصائص وتعرف دورها ومسؤوليتها تجاه بلادها وشعبها والمحيط الإقليمي.
في هذا الإتجاه تابعنا باعجاب شديد تحرك الدبلوماسية السودانية وتقدمها خطوات علي الصعيدين “الإقليمي والدولي”، ونقرأ رؤية السودان الإستراتيجية تجاه الأزمات الداخلية والخارجية من خلال ما جاء في خطاب فخامة الرئيس عبدالفتاح البرهان علي منضدة قمة الجامعة العربية ومحتوى إتصاله بفخامة الرئيس سلفاكير ميار ديت حول مستقبل العلاقة الثنائية بين الدولتين وسُبل حلحلة الأزمات هنا وهناك، وكذلك الزيارة التاريخية الناجحة للقائد مالك عقار إلي يوغندا التي إلتقى فيها بسيادة الرئيس موسفيني، وكذلك الزيارة المهمة التي قام بها إلي جيبوتي ولقاء سيادة الرئيس عمر قِيلي، واللقاء التفاكري الذي تم مع سيادة رئيس مفوضية الإتحاد الافريقي محمود علي، وهنالك تطور لافت في العلاقات بين السودان وروسيا والصين نشاهده علي كافة الأصعدة، وجرى التخطيط لكل هذه التحولات بجدية وشفافية، وإستمرار نمو هذه العلاقات يحتاج لوضع حلول للأزمة السودانية المستفحلة، وقد أكدت الحكومة ضرورة الحوار كواحدة من أهم طرائق حل المشكلات وإدارة العلاقات الدولية وتحقيق الإستقرار المستدام.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،