تقارير وتحليلات

اثيوبيا وجيبوتي حينما تثمر المصالح رمزية التعاون

-إثيوبيا وجيبوتي تمثلان نموذجا في التعاون الإقليمي منطقة الايغاد

هاشم علي حامد – كاتب وباحث في القرن الأفريقي 

الراصد الإثيوبي -أديس أبابا 

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 

تعطي العلاقة بين جيبوتي واثيوبيا دلالات في قيمة التعاون الذي منطلقه مصالح ظلت تشكل دفعا لعلاقات البلدين في كافة الجوانب- الي اي مدى تمثل علاقه اديس ابابا وجيبوتي نموذجا للتعاون في منطقة القرن الافريقي؟
ضمن سلسلة الاعمال التنسيقية بين إثيوبيا وجيبوتي، والمنتظمة بصفة دورية، انطلقت أعمال لجنة الحدود المشتركه لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي، وتمثل هذه الدورة الاجتماع الـ28 في مجالات إدارة الحدود والأمن والتنمية الاقتصادية.
وقالت مدير عام دائرة الهجرة والمواطنة الإثيوبية، سلاماويت داويت “أن إثيوبيا وجيبوتي تمثلان نموذجا في التعاون الإقليمي ضمن منطقة “إيغاد”، من خلال تطوير البنية التحتية، في الطرق والسكك الحديدية، والتعاون العسكري والطاقة الكهربائية والتجارة.
ومن جانبه، أكد رئيس الوفد الجيبوتي والأمين العام لوزارة الداخلية، سليمان مؤمن، على التزام جيبوتي بتعزيز العلاقات مع إثيوبيا، معرباً عن ثقته في رؤية البلدين المشتركة لتقوية التعاون في مجالات البنية التحتية والسلام والأمن لتحقيق المنافع المتبادلة للبلدين.
(وكان الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر جيلي وصف علاقة بلاده باثيوبيا بالقديمة والعريقة مشيرا انها انتقلت من الشراكة للتكامل.)
وأكدت سلاماويت على ضرورة تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية والإرهاب، بما يسهم في حماية اقتصاد البلدين وأمنهما. كما أوضحت أن الاجتماع يمثل منصة مهمة لتقييم الإنجازات السابقة ووضع خطة للتعاون المستقبلي.)

عمق التواصل
تعطي علاقات اثيوبيا وجيبوتي ضمن العديد من الفعاليات والبرامج المشتركة اشارات حقيقية في عمق التواصل بين البلدين، والذي ظل ينعكس دوما في مشاريع مشتركة في العديد من المجالات التي تخدم شعبي البلدين.
وكان البلدان دشنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 مشروع خط سكك الحديد الحديث الرابط بين البلدين بطول يزيد على 750 كيلو متر، وهو حط قاري يعمل بالكهرباء وعابر للحدود شيدته شركات صينية بتكلفة بلغت أربعة مليارات دولار. لياتي ضمن كبرى المشاريع الحيوية بينهما, وكنموذج للتعاون المثمر في منطقة القرن الافريقي.
ويمثل ميناء جيبوتي الواقع على (خليج عدن) والذي يفصله عن اديس ابابا مسافة 700 كيلومتر خيارا بجريا لاثيوبيا في ربطها بالعالم الخارجي منذ القرن 18 ، ليظل كرمزية في علاقات البلدين تجاه مصالح ظلت قائمة في التداخل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والممتدة بها علاقات البلدين منذ عقود طويلة.
ويعتبر الخط الحديدي الحديث العابر للحدود ضمن اهم المشاريع الدالة على علاقات البلدبن، تستفيد منه اثيوبيا قي نقل صادراتها ووارداتها عبر ميناء جيبوتي، مضاعفا لحركة نقل البحري والبري بين البلدين. لتمثل الخدمات المتكاملة لجيبوتي من جهتها زيادة دخل ورمزية للتكامل بينها واثيوبيا – منذ ان اصبحت الاخيرة (مرة ثانية) دولة مغلقة عقب استقلال اريتريا عام 1992، والخلافات التي ادت الى الحرب بين البلدين في عام 1998.
وضمن مسار التواثق في علاقة البلدين كان البلدان قد وقعا في يناير 2017- علي اتفاقية تأسيس شركة السكك الحديدية الإثيوبية الجيبوتي المشتركة. كبديل للتعامل المنفصل من قبل شركتي البلدين المعنيتين. ووصفت مصادر حينها المشروع التعاوني بالقاري الذي يمهد فتح آفاق تواصل بين بلدان أفريقية أخرى.

ابناء عمومة
يقول الصحفي الاثيوبي عمر حاجي
“تربط إثيوبيا وجيبوتي علاقة عمرها أكثر من قرن استمرت ولا تزال متنامية حتى الان. ولم تكن العلاقة بين الحكومتين فحسب، بل كانت العلاقة بين الشعبين أيضا. لكل من الجماعات العرقية الصومالية والعفرية المقيمة في جيبوتي لها أبناء عمومتها هنا في إثيوبيا وهذا يشير إلى أن الحدود بين البلدين هي ببساطة مصطنعة. وقبل ظهور الاستعمار في القرن الأفريقي، كان طريق سلع صادرات إثيوبيا، مثل البن، والعاج، والبخور، وغيرها إلى الشرق الأوسط عبر ميناء تاجوراء من خلال تجارة القوافل. كما كان الطريق أيضًا بمثابة دربا رئيسيا لتجارة الرقيق إلى شبه الجزيرة العربية.”
في مايو (أيار) 2024 استلمت حكومتا إثيوبيا وجيبوتي، إدارة خط السكك الحديدية من شركة هندسة السكك الحديدية الصينية، التي تولت إدارة السكك الحديدية الجديدة بعد تشييدها وذلك بالتعاون مع حكومتي البلدين على مدى ٦ سنوات ، في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وأكد وزير البنية التحتية والتجهيزات بجمهورية جيبوتي حسن حمد إبراهيم التزام بلاده بمواصلة الشراكة التنموية مع إثيوبيا، مشيرا إلى أن ( البنى التحتية) تستمر في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة وتعزيزا التنمية المستدامة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
يشير حجي “وأثبت المؤرخون أيضًا أنه قبل وصول المستعمرين الفرنسيين إلى الضواحي الجنوبية للبحر الأحمر في القرن التاسع عشر ، كانت المنطقة لا حدود فاصلة بينها وامبراطورية الحبشة ،وقدم الإمبراطور منيليك الثاني امتيازًا للمستعمرين الفرنسيين لحكم ذلك المكان لمدة 99 عامًا وأطلق عليها اسم جيبوتي. وفي المقابل، وافق الفرنسيون على ربط البلدين عبر خط السكة الحديدية، واستمرت العلاقات التجارية والثقافية بينهما حتى الغزو الإيطالي الثاني في عام 1936 .”
يجدر بالذكر ان اول خط للسكة الحديدية بين البلدين تم بناؤه ما بين الاعوام 1894-1917 لربط العاصمة الإثيوبية اديس ابابا (تأسست عام ١٨٨٦)بأرض الصومال الفرنسي (جيبوتي لاحقا)، لتمكين إثيوبيا غير الساحلية من الوصول إلى البحر .

الدفاع المشترك
يجي التنسيق العسكري ضمن خطوة اكثر عمقا في مسار علاقات البلدين
حيث وقع البلدان في نوفمبر ٢٠٢٣ علي مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الدفاع والأمن خلال الاجتماع العاشر للجنة خبراء الدفاع.
حول القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك..
وكان البلدان أكدا خلال اجتماعات سابقة في يونيو ٢٠٢١ اهتمام حكومتيهما بتكرار قصص نجاح المشاركات الشعبية والعلاقات الاقتصادية النموذجية بين البلدين في المجالات الدفاعية أيضا. ودعيا إلى إنشاء منصات وآليات أكثر ملاءمة لتبادل المعلومات والخبرات وكذلك متابعة التدريب المشترك.

ربط كهرباء
على جانب اخر ضمن دلالات التعاون الممتد في العلاقة يعكس الربط الكهربائي المشترك بين البلدين بطول. ٢٣٠ كيلومتر من منطقة عفار الاثيوبية الى منطقة جابت الجيبوتية،والذي تم اكماله في وتستفيد جيبوتي الان بما يشكل ٨٠بالمائه من حاجتها للكهرباء من اثيوبيا بما يقدر ب ٦٠٠ غيغاواط بامل زيادتها مستقبلا
وكان مشروع اخر في المياه لمد جيبوتي بالمياه النظيفة عبر الحدود دخل حيز التنفيذ قبل ستة اعوام ،وتشهد منطقة اديغالا باقليم اوغادين تطورات المشروع الذي يضخ ٢٠ الف متر مكعب من المياه يوميا ،حيث من المقرر تطوير المشروع لاحقا لضخ ١٠٠ الف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب الي جيبوتي وفق اتفاق البلدين.
ضمن قناعات التكامل الاقليمي وما تتبناه اثيوبيا من قناعات في خلق تعاون اقليمي مع كل دول الجوار وغيرها من دول ، وما تسعى في اشاعته من روح تكامل . وبعد التواثق في العلاقات الاثيوبية الجيبوتية ،،

جنوب السودان
وعلى مستوى تعاوني اخر كان مجلس نواب الشعب الإثيوبي وافق في نوفمبر الحالي على قرض بقيمة 738.2 مليون دولار لجنوب السودان لبناء طريق سريع رئيسي رابط بين البلدين بطول 220 كيلومترًا ،يهدف إلى ربط تعزيز الاتصال ودفع النشاط الاقتصادي عبر الحدود بين إثيوبيا وجنوب السودان.

وتنص اتفاقية التمويل على أن يقوم جنوب السودان، باعتباره المقترض، بسداد القرض على مدى عشر سنوات، بما في ذلك فترة سماح مدتها خمس سنوات. ومن المقرر أن تحصل إثيوبيا على السداد إما نقدًا أو نفطًا خامًا يتم نقله إلى بورتسودان.

يجئ التعاون المتجدد مع دولة جنوب السودان كنموذج اخر في مستويات التعاون، بأمل استيعاب التعاون والتكامل اطراف مجاورة اخري في مسيرة نهج احياء المصالح المتشاركة الذي تتبناه جمهورية اثيوبيا لاجل الشعوب.

هل مات حميدتي،ام ماتت إيغاد..؟؟ – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates