مقالات

امارات وسلطنات اسلاميه منسيه فى شرق افريقيا


ابراهيم شداد-كاتب إثيوسوداني 

الراصد الإثيوبي -دار السلام 

الأربعاء 10 يوليو 2024 
بعد سقوط الخلافة الأموية بدأت هجرة بعض من بنى اميه والمسلمين الى ملاذات آمنه فى جزر شرق افريقيه ابتدأ من جزيرة دهلك فى ساحل ارتريا وجزيرة لامو ومراسي ماليندى وممبسا على الساحل الكيني ومراسي بقامويو ودار السلام (كندوتشى) وجزر ألارخبيل الكبير الشامل والممتد ومتقطع ليشمل ارخبيل زنجبار وارخبيل المافيا -وارخبيل كيلوا كيسيانى.
وقد زرت اطلال الآثار الاسلاميه فى جزيرة لامو وتمباتو وبقامويو وكندوشى فى دارالسلام وجزيرة كيلوا كسوانى ومرسي نماساتى والذى تحول الى ميناء حديث ما بين تنزانيا وجزيرة المافيا ضمن أرخبيل زنجبار-المافيا- كيلوا كيسيانى. هاجر الى هذه الجزر والمراسي ودواخل شرق افريقيه شيرازيون فرس وهنود وعرب عبر المحيط الهندى بحيرة الحضارات فى جنوب خط الاستواء، وأسسوا مستوطنات ابتداء من القرن ٦ الميلادى. وافادنى الشيخ مشنقا بن حاج شيخ من اعيان جزيرة تمباتو ان التاريخ المروى لجزيرة تمباتو يروى ان وفدا من اهل مستوطنة جزيرة تمباتوا لما سمعوا بالرسول ﷺ ذهبوا الى المدينة المنورة ووصلوها بعد وفاته ﷺ بثلاثة اشهر ولم يعودوا بعد ذلك الى تمباتو. وفى الفتنة الكبرى وبعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه فى عام ٣٥ هجرية، جاء قرشي اسمه محمد بن حسن بن محمد الى جزيرة تومباتو وشيد المسجد الصغير والعتيق بساحلها فى عام ٣٧ هجرية والذى يعتبر اول مسجد بنى فى أرخبيل جزر زنجبار. ورأيت لوحة تاريخ بناء هذا المسجد التاريخى باللغة السواحيلية المخطوطة بالحروف العربية وقبل ان يحول الرئيس التنزانى الراحل نيريرى كتابة اللغة السواحيلية الى الحروف اللاتينية.
ثم انداح العرب والمسلمون خلال انتشار الاسلام فى القرن ٨ الميلادى ولتزدهر هذه المجتمعات السواحيلية خلال القرون ١٢- ١٥ الميلاديه. وأدت هذه الهجرات المتلاحقة الى قيام المجتمعات السواحيلية الافرواسيويه بالأختلط العرقي والاجتماعي والثقافي مع بانتو الجزر وسواحل افريقية الشرقية
واسسوا امارات وسلطنات أسلامية ضمن العقد الفريد من امتداد الامارات والسلطنات الاسلاميه فى سواحل شرق افريقية ودواخلها فى الصومال واتريا واثيوبيا وكينيا وجزر انقوجا وبمبا وتمباتو المأهوله وكبرى جزر الارخبيل الزنجبارى وجزيرة المافيا وجزيرة كيلوا كسوانى.

يقال ان اللغة السواحيلية نشأت فىجزيرة تمباتو احدى اكبر ثلاثة جزر (انقوجا وبمبا وتمباتو) فى الارخبيل الزنجبارى. واللغة السواحيلية مزيج من العربية ولهجات البانتو حيث تمثل المفردات العربية فيها ما لا يقل عن ٤٠% مع كسر نطق نهاية الكلمة كما تنطقها قبيلة الشايقية الافروعربية فى شمال السودان. ثم أنتشرت وانداحت اللغة السواحيلية الافروعربية فى شرق افريقيا الحالية ابتداءا من كينيا ومرورا بتنزانيا وانتهاءا بشمال موزمبيق. والجدير بالذكر ان الاتحاد الافريقى قد أعتمد اللغة السواحيلة كأحدى الغات الرسمية لعمله. ومزاج الوجدان الموسيقى للمجتمعات السواحيلية هو الموسيقى والغناء المسمى بالطرب والآته الوترية وايقاعاته بالدف والطار والرق والرقصات المستمدة من مزيج الوجدان الشرقى وخاصة الخليجى العربى والهندى.

وقد اضمحلت هذه السلطنات الاسلاميه وانتهت فى القرن ١٨ الميلادى بمجئ المستعمرين الالمان الذين عملوا على القضاء عليها وتشويه تاريخها المجيد وماضيها التليد بتلفيق الروايات ورمى اللوم على سلاطين واشراف وأعيان هذه المجتمعات والسلطنات الاسلامية باسترقاق الزنوج الوثنيين وممارسة تجارة الرق وطقوس وثنيه بدفن الاحياء مع موتاهم.

وقد عبر بعض من المهاجرين العرب والمسلمين عبر مرسي ناماساتى قبالة جزيرة المافيا الى المرتفعات الجبلية فى اواسط تنجانيقا التاريخية للتجاره والاستقرار والاختلاط العرقى بالبانتو. وظهر هجين افروعربى حكم قبائل البانتو التى اسلمت ثم أنشاؤا سلطنة ارينقا الاسلاميه.
باسلام قبيلة الهئيى المسلمة فى أواسط جنوب غرب تنزانيا. ولم تحفظ ذاكرة التاريخ لهذه السلطنة الأسلامية سوى نهاياتها فى حرب الآفروعربى مكوافا زعيم قبيلة الهئهى المسلمه وحلفه مع ثائر آخر آفروعربى وهو صديقه البشير بن سالم الحريثى ضد الاستعمار الألمانى. أنشأت الامبراطورية الالمانية مستعمرتها فى تنجانيقا التاريخية ضمن محمية شرق أفريقيا الألمانية بنهاية القرن ١٨م. وضمَّت المستعمرة مناطق راوندا وبوروندي ومنطقة البحيرات العظمى الأفريقية. وعقدت المانيا وبريطانيا معاهدة لتقسيم شرق افريقيه واتفقا على تقسيم البر الافريقى بينهما فاحتج سلطان زنجبار بأنه حاكم زنجبار والبر الافريقى فأرسل الالمان سفن حربية الى زنجبار وهددت بتدمير قصر السلطان. ولم يكن لدى سلطان زنجبار أي خيار سوى الخضوع والاستسلام.
فسيطر الالمان على المراسي التجارية فى بقامويو ودار السلام وشيدوا قلاع عسكرية في أرنقا وبقامويو التى اتخذوها عاصمة لمحميتهم الاستعمارية فى شرق افريقية. وبذلك سيطروا على طرق القوافل التجارية الى دواخل افريقية الشرقية، فثار الافروعرب الحكام والتجار المستوطنون، ولكن المانيا بمساعدة البريطانيين استطاعت اخماد ثورة الشهيد البشيرى وشنقه بعد اتهامه بتجارة الرقيق فى مرسي بقامويو. فثارت قبيلة الهئهى المسلمة بقيادة الزعيم مكواوا ضد الاستعمار الألماني. لكنهم هزموا لأن القبائل الوثنية المنافسة ساندت الألمان. فلجأ الزعيم مكوافا لحرب العصابات وبعد سنوات حوصر وفضل الانتحار من الوقوع أسيرا فى يد الالمان عام ١٨٨٩م. وبذلك سيطر الاستعمار الالمان وقضوا على سلطنة أرنقا الاسلامية وتحكمها فى تعدين الذهب والنحاس والملح وتجارة العاج وجلود الحيوانات البرية ما بين دواخل شرق افريقية متضمنة ايضا زامبيا وزمبابوى وانقولا وملاوى وعبر المراسي المنتشرة فى غرب المحيط الهندى الى العالم القديم. وقد صحبت الحملات العسكرية الالمانية بعثات كنسية تبشيرية لمحو الهوية الاسلامية لسلطنة أرنقا الاسلامية وثقافتها وانتمأئها الافروعربى ونفوذ أجيال من هجينها الآفروعرب.
زرت المتحف الصغير فى قرية كالينقى غرب مدينة أرنقا حيث مات الشهيد مكواوا الزعيم العظيم لقبيلة الهئهى المسلمه. ورأيت آثاره فى المتحف ومن ضمنها جمجمته المحتفظ بها فى صندوق زجاجى والمفترض تطيبها ودفنها بما يليق بزعيم مسلم. وخاصة قد اطلنا عهد ماما سامية الرئيسة الحالية لتنزانيا وهى آفروعربية من اصول يمنية ومسلمه تحب المسلمين والمشائخ والعلماء. وقد تمكنت من مقابلة الزعيم الحالى لقبيلة الهئهى المسلمه وهو الشاب آدم الحفيد من الجيل الخامس لذرية مكوافا الزعيم العظيم.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

أقرا أيضا : من أرشيف دفتر تجوال ورحلات ابن شداد الحجارى فى بعض بلاد شرق افريقى – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates