مقالات

نذرحرب التعايش الاجتماعي

عبدالناصر علي الفكي

د. عبدالناصر علي الفكي -أستاذ علم الاجتماع

الراصد الإثيوبي – أوغندا 

الأثنين 1 يوليو 2024 

التعدد والتنوع الاثني الاجتماعي بمختلف أشكاله، عنصر  أساسي مكون  للمجتمع والدولة  في  العالم، ويمثل خصوصية ثقافية فرعية للمجموعات في اطار ثقافي مشترك كلي موحد تتعايش كل المجموعات بتراض وتضامن مشترك وهو التعايش الاجتماعي  كذلك  تسمي بالتكيف الاجتماعي والثقافي.

 أهمية إدارة التنوع خلال العمليات الاجتماعية عبر التفاعل الاجتماعي التعاون والتنافس والتماثل، اساس العمود الفقري  للتعايش السلمي الاحتماعي والثقافي للمجموعات والمكونات المختلفة، تحقق قيم القبول الترابطي بالتماسك المتسامح، عبر تعزيز المصالح والمنافع المشتركة  في إشباع الحاجات الأساسية بالعدالة من دولة  قوية مدنية  وفق حقوق وواجبات متساوية، ذات وجود وتأثير وطني وإقليمي ودولي.

مجتمعات التنوع والتعدد تستند  إلي قانون رسمي قائم علي المواطنة  وقيم المدنية الديمقراطية ، تتجاوز الركام التاريخي  والصراع الاجتماعي والسياسي والثقافي والحروب بين الجهاز الحاكم  للدولة والمجموعات الاجتماعية .

هدف عمليات التعايش السلم الاجتماعي  الي تعزيز وتحقيق الوجود  الاجتماعي في امن وسلم يتسم بالقبول والعيش المشترك بين المجموعات ، بما يوصل إلي تنمية مستدامة في المجتمعات الريفية والبدوية والحضرية ، بإستخدام  البحث العلمى والتحليل وإدوات مناسبة والاستعانة  بقيادات المجتمع المحلي ونظمه الأهلية المكتسبة التاريخية،  لما لها من دور في التوفيق والوساطة وصولاً لإستقرار متداول، و بالضرورة يسهم إلي أغلاق الظاهرة المستترة  ومهددات الصراع والنزاع الاجتماعيين  التي تمظهرت بوضوح  في سودان حرب  15 ابريل 2023م بالأستغلال  بوعي أو غيره لكثير من المجموعات القبيلية والاثنية في صناعة بنية بالحشد والتناصر والاستنفار كسلاح يستعدئ الاخر ضد الاخر ويكون  العنف اللفظي  في الاذدراء بمشاعر الاخر  والاستخفاف  والتعالي الأثني  للمميزات الثقافية المختلف ، ونزع المواطنة وحصرها وسط مجموعات اجتماعية وتوظيف صراعي للدين  للقتل والدماء وليس الصلح والسلام والعدل .

 بكراهية مقصودة تستغل كل أدوات متاحة عبر الوسائط الاجتماعية التقنية  أو عبر عمليات التفاعل الاجتماعي بطريقة- نتنه – سلبية فجة ، لتتدحرج بتضامن ووحدة جماعات المجتمع الي قاع تفرق وتشتت.  

  تعمل مؤسسات  بنية صناع الكراهية نحو أستهداف هوية  الآخر كمحددات في مناطق نفوذ طرفي الحرب،  أصبح  نطق اللغة واللباس  التقليدي  والسمات الجسمية والبيولوجية  كاهداف حربية عسكرية توجب القتل و الاعتقال والتضييق والتشريد و المنع من الخدمات الأساسية.

 خطورة الحرب السودانية أنها وفي سبيل تحقيق نصر عكسري مؤقت تهزم مقومات بناء وتماسك المجموعات الاجتماعية  .

 لذلك هي حرب تدور في الدواخل  والانفس وكلما طالت استطالت في الزمان والمكان دمرت التماسك الاجتماعي والتعايش والسلم وأصبحت ثقافة متوارثة في العقل الجمعي الذي يقبلها دون أي تفكر واختيار لدي الاعضاء .

 وهذه من الصعوبة أن تسترجع بسلام وتفاوض بين أطراف الحرب، مع أنتشار السلاح وفوضي الاضداد مابعد الحرب وسلوكياتها.    

المتتبع  للتجربة السودانية  يلاحظ رغم البدايات المبكر لاستنهاض الوعي الديمقراطي   للثورات والهبات والانتقاضات السودانية، ثورة أكتوبر الاخضر  1964م مروراً أنتفاضة أبريل 1985م، واخيراً وليس آخر  ثورة ديسمبر المجيدة  2019م، هذا التراكم لموجات الوعي بالديمقراطية كنظام للأدارة والحكم  شهد بشكل أو آخر تششت في الهدف وضعف الاتفاق الواحد كحد الادني بين قوي الثورة  السياسية والنقابية  وإحياناً الحركات العسكرية المناطقية ، ويتضح كلما أستمرت وتممدت تطاول تحديات الفترات الأنتقالية ، تنازعت وتفرقت فيما بينها وبل بعض منها ساهم في الردة والانقلاب بالتحالف مع الجيش صاحب النفوذ والقوة الاقتصادية والمادية.

 انقلاب الفريق عبود 1958م و العقيد جعفر نميري 1969م  و العميد عمر البشير 1989م  واخيراً البرهان25 أكتوبر 2021م  لتعاود الكره من جديد  نظام شمولي عسكري  ذو قبضة امنية وعسكرية يستمر فترات أطول يمنع يحظر العمل السياسي والنقابي والمدني والحريات العامة .

 في المقابل القوي الديمقراطية السياسية  المدنية   قصيرة الأمد  تجد صعوبة في تكريس ونشر الثقافة السياسية المدنية سواء داخل مكوناتها أو في المجتمع  وتشاكس حول الاتفاق حول دستور دائم للدولة السودانية .

 من خلال أستعرض سريع بشكل مبسط لمفاهيم ضرورية نشير اليها الدولة والمجتمع والجماعة.   

مفهوم الدولة يشير إلي (وجود مؤسسي محدد  في الجغرافيا تدير شؤون المواطن وفق نظام سياسي متفق عليه كغالبية ، لديها  أجهزة ومؤسسات مختلفة منظمة  بهدف اشباع الحاجات الاساسية للمواطن وتحسين حياتهم وادارة الحياة بتوافق يراع مصالح الجميع ).

 في الجانب المقابل  مفهوم المجتمع وهو  (مجموعة من الأعضاء التي تشكل شبكة العلاقات بين الناس، تعيش معاً في شكل منظّم  وضمن جماعة محدد، تعيش في موقع معين يرتبطون  فيما بينها بعلاقات ثقافية واجتماعية، يسعى كل واحد منهم لتحقيق المصالح والاحتياجات، وفق  تعاون مشترك) بدوره يتكون  المجتمع من جماعات متعددة، وهنا نتخص بموضوع المقال الجماعات القبلية والاثنية والمناطقبة ، التي تتسم بأشكال ووظائف تختلف حسب تكوين والتطور الثقافي  والتاريخي ، في داخلها  نجد الثقافة المشتركة والالزام والالتزام يقنن بالضبط الاجتماعي وهو القانون العرفي للجماعة الاجتماعية (القبيلة والعشيرة ) توفر الكثير من  الوظائف لإعضائها

 الامن والحماية والتساند ومنها يكتسب العضو المعايير الاجتماعية للسلوك المطلوب والاتجاهات وصورة الآخر المختلف  وكيفية التفاعل الاجتماعي وآلياته،  وكلما كانت الجماعة مغلقة  بمحددات ثقافية اجتماعية  بين الأعضاء  كلما أصبح  التعايش والقبول عملية معقدة  وصعبة ولكن ليست مستحيلة وتحتاج لمهارات  مكتسبة قبول الآخر .  

النخب السودانية بمختلف مرجعيتهم  الشمولية  العسكرية والنظم الديمقراطية السياسية المدنية، لم توفق في ادارة العلاقة بين الدولة ومؤسساتها وأجهزة الخدمات  في مقابل الجماعات الاجتماعية  القبائل والعشائر  فقد ظلت العلاقة بينهما  تتأرجح  في استغلال أقتصادي للموارد (الصمغ العربي ، الثروة الحيوانية ، الغلات الحبوب والقطن والموارد المعدنية  والبترول ..الخ) لمنتجات تلك المجموعات  يدير أقتصاد الدولة الريعية  أو سياسي في الكم  اثناء الانتخابات (علي قلتها) بحسب الولاء الجماعي الديني الثقافي الاجتماعي  دون أي وعي اختياري للغالبية العظمي .

صاحب ذلك بطء وعم استقراء  مخطط  مسبق في الكثير      لمشروعات  التنمية الريفية والبدوية المحلية .

ظهرت الحركات المحلية  لنيل الحقوق في البداية بشكل مطلبي – مؤتمر البجا 1957م / نهضة دارفور 1964م- ، وبعدها تطورت وأنتشرت ، كثيراً  ما تواجه من النظم الشمولية التي حكمت البلاد اجمالاُ 54عاماً منذ أستقلال السودان  بالمسألة والاعتقال والمطاردة مما جعلها تحتمي  إلي العمل العسكري.  

وهذا النموذج في دارفور وجبال النوبة والدمازين وفي شرق السودان وكان يستشكل مع الوقت لدى سكان المناصير والمحس والسكوت في مشاريع  السدود في المنطقة وغيرها من مناطق التهميش والظلم المتواتر.

الفرص التاريخية  لبدء عمليات حقيقة لإحداث الانتقال وفعالية التعايش  الاجتماعي للسودانيين وتحقيق التنمية المستدامة والحق في المواطنة والثروة والسلطة ، كان متاحاً عبر  ثورة ديسمبر 2019 م،  التي تمتعت بالالتفاف  وشمول  غالبية العظمي للسودانيين  والأستعداد لبناء المشروع الوطني  الشامل في  الريف ،الحضر، البادية ،الرجال والنساء والشباب، القوي السياسية والنقابية المدنية ولجان المقاومة،  ووضوح أهداف الثورة الحرية والسلام والعدالة و تلك الثورة كانت ستحدث الانتقال نحو التعايش الاجتماعي والسلم والامن الانساني يحتاج إلي نشر ثقافة قيم العدالة والسلام  في حرية تحقق الاشتراك في بناء دولة مواطنة الحقوق والواجبات متاح للجميع دون أي مرجعية اثنية أو دينية أو نوعية والمعيار هو الكفاءة حسب معيار الفعل المطلوب .

لعوامل ذاتية داخل بنية قوي الثورة ديسمبر التي ظلت طوال الفترة الإنتقالية 2020/2021م  تتباين اولويات القضايا ومحدداتها في الاقتصاد والعلاقات الخارجية وإدارة الدولة وانتقال تنافس الراي بينها الي صراع .   

وعوامل موضوعية عدم توازن القوة  للقوي المضادة ممثلاً في النظام الانقاذي المخلوع وقيادات الجيش المنتمية (اللجنة الامنية)  وتحالفات المحاور الاقليمية والدولية.

التجارب فرص عظيمة لبناء الدولة القوية ولو عبر حرب الدمار والقتل ، الأن بداية الجهود للقوي المدنية والأهلية الشعبية بوقف حشد الكراهية الثقافية الاجتماعية ضد جماعات مكونات للمجتمع السوداني .  

والا نكون آداة نقل محتوي كره ونشره وسط المجتمع ، والأهم السعي  لايقاف حرب  الكراهية وصناعها وإستعادة  مسيرة التطور الثقافي الاجتماعي للسودانيين ومشروع السلطة المدنية التي تتيح حق المواطنة والعدالة والسلام والمشاركة للجميع.

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

 

 أقرأ أيضا :- طريق شجاعة التقدم – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  (To Type in English, deselect the checkbox. Read more here)
زر الذهاب إلى الأعلى
Lingual Support by India Fascinates