أنور إبراهيم -كاتب إثيوبي
الراصد الإثيوبي – أديس أبابا
السبت 2 مارس 2024
بالنسبة لمعظم الناس من هذا الجيل وحتى الجيل السابق ، قد لا يكون اسم “باشاي أوعلوم “معروفًا كثيرا ، لكن الرجل كان شخصية رئيسية في التاريخ الإثيوبي ،وذلك خلال الحرب ضد الغزو الإيطالي لإثيوبيا عام 1896، وقد لعب باشاي أوعلوم دورا كبيرا في تلك الحرب، كان الوقت حاسماً للنتيجة التي أكدت انتصار إثيوبيا على الغزاة الإيطاليين.
من هو باشاي أوعلوم
يعتبر باشاي اوعلوم أول جاسوسًا إثيوبيًا ، وأكثر من ذلك كان عميلًا مزدوجًا، كان ملازمًا موثوقًا للرأس اولولا ابا نقا الذي شارك في حملات كواتيت والمتمة ، عندما كان الامبراطور منليك يستعد لقتال الإيطاليين ، تم اختيار أوعلوم من قبل الراس ألولا من أجل هذا الدور الحاسم وإرساله إلى معسكر العدو لكسب ثقتهم والتجسس علانية عليهم ، و كانت هذه اخطر مهمة في وقتها ، ولم يكن بإمكان أي شخص القيام بذلك على الإطلاق ، كان لدى أوعلوم قدرته ورغبته الحقيقة ليقوم بذلك.
كان اوعلوم يذهب بشكل منتظم إلى معسكر الإيطالي ،ويبلغ عن ما شاهده حول حركة القوات وأي شيء يمكن أن يبدو مثيراً للاهتمام للمحتلين الإيطاليين، لقد فعل ذلك بشكل جيد لدرجة أنه حصل على ثقة الجنرال باراتيري وأصبح مخبرا له ، ومع ذلك فإنه كان يعود بانتظام إلى المعسكر الإثيوبي ،ويبلغ عن جميع الأنشطة والتحضيرات داخل المعسكر الإيطالي إلى الرأس ألولا ابا نقا ، ومن خلاله إلى الامبراطور منليك.
استمر ذلك لعدة أشهر ، بينما كانت مخيمات “الامبرطور مينليك” والقوات الإثيوبية في معسكرات “عدوا” وضواحيها ، في انتظار أن يخرج الإيطاليون ويقاتلونهم، كان الإيطاليون الذين عانوا من نكسة خطيرة في معركة مغلي قبل ثلاثة أشهر ، قد عادوا لتجميع أنفسهم في عدوا ، لكنهم ما زالوا يضمدون جروحهم وليس في عجلة من أمرهم للخروج من الجحر المحصن والقتال، وهكذا استمرت لعبة القط والفأر في المشاهدة والانتظار حتى وضع خطة جديدة لاستخلاصها.
هذا هو المكان الذي أصبح فيه دور أوعلوم حاسماً للعملية بأكملها، كانت أول مهمة لأوعلوم هي الذهاب إلى المعسكر الإيطالي وإقناع اثنين من الفارين المشهورين بإعادة النظر ، والتخلي عن الإيطاليين والعودة إلى الحظيرة الإثيوبية، وكان الاثنان هما الرأس سبحات و والقائد حقوس تفري وقد أنجزا المهمة بنجاح ، وهرب الاثنان مع العديد من أتباعهم من المعسكر الإيطالي وعادوا إلى الحظيرة الإثيوبية ، حاملين معهم كمية من الأسلحة والذخيرة الجديدة من العدو،كان هذا انتصارا كبيرا في حد ذاته، لكن هذا لم يكن كل ما أنجزه أوعلوم.
في المهمة التالية ، دعا الامبراطور منيليك أوعلوم إلى خيمته الملكية وطلب منه خدمة أخرى، طلب منه أن يقدم تقريراً إلى الإيطاليين مفاده أن مينليك قد نفدت منه المخصصات ، وأنه سوف ينزل خيمته ويعود مع جميع قواته ، ثم يعود إلى أديس أبابا في غضون يومين ، على الرغم من أن مينليك والجيش الإثيوبي كان متمركزين في موقع مهم ، وليس في أفضل شكل ، فإن هذه الأسطورة ملفقة لإخراج الإيطاليين من جحرهم ، لا يزال يرويها الكثير من المؤرخين ، ومع ذلك كانت خدعة لإخراج الإيطاليين من موقعهم المحصن.
أوعلوم كان أكثر من سعيد للقيام بذلك ، ذهب وأخبر القصة للإيطالين ، الذين كانوا يثقون به ، وفكروا في إعداد هجوم على مينليك من الخلف،كانت الخطة المطارده على طول الطريق والدخول الى أديس أبابا وتحقيق النصر.
ومع ذلك كان التراجع هو خطة وضعت بعناية لإدراج الإيطاليين ونجحت ، بحلول اليوم الثالث تقريبا رأى الجنرال باراتيري من على منظاره خيمة مينيليك التي تم سحبها إلى أسفل وقيام الجيش بالانسحاب و “التراجع” الى جنوب غرب البلاد، كان هذا بالضبط ما كان ينتظره، على الفور أعطى أوامر للجيش الإيطالي لمطاردته ومهاجمة منلليك من الخلف.
ما لم يعرفه باراتيري ما هو الشئ الذي يدبره الامبراطور منلليك، كان هناك فصيلان إثيوبيان مختبآن على جانبي ما يسمى “الجيش المنسحّب”، في انتظار أن ينقض عليه من اليمين واليسار.،والجيش الذي تظاهر بالانسحاب سرعان ما اتجه نحو المعركة وبدأ الهجوم،كما كان هناك كتائب من الخيالة تختبيء وبدأت الهجوم من خلف الإيطاليين،و بعد فوات الأوان أدرك الجنرال باراتيري أنه كان محاصر بالكامل من كل جانب ، وليس لديه طريقة للهرب، وقد قُتل مع آلالاف من جنوده ، لكن الجنرال البرتوني وآلاف الإيطاليين الآخرين استسلموا وأسروا أحياء.
انتهت بذلك معركة عدوة، والتي لعب فيها أوعلوم دورا كبيرا في التجسس على الجيش الايطالي ، وقد منح وهو أعلى لقب شرف من رأس ألولا ، وقد تم الاعتراف بمساهمات أوعلوم من قبل الإمبراطور الذي وضع حجرًا باسمه في عدوة منذ أكثر من ستين عام .
من كتاب” شخصيات إثيوبية ” لأنور إبراهيم أحمد