نميرة نجم: وصف الهجرة بأنها غير شرعية يتعارض مع مواثيق حقوق الإنسان .
الراصد الإثيوبي -متابعات
الخميس 21 ديسمبر 2023
قالت السفيرة د.نميرة نجم مدير المرصد الأفريقي للهجرة AMO عندما نتحدث عن النزوح القسري لايمكن إغفال الحديث عن مايدور حاليا في غزة لانها علي حدود ملاصقة لدولة أفريقية هي مصر ، فبالتالي أفريقيا تتأثر بمايجري علي حدودها ، فلدينا ١.٩ مليون نازح فلسطيني داخليا بغزة و هم لم ينتقلوا برغبتهم خارج أماكن معيشتهم ، و لكن لان هناك نزاع يفرض عليهم القتال و الإنتقال جاء ذلك بكلمة السفيرة في ندوة حلقة نقاشية التي نظمها مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية السياسية و الإقتصاد بجامعة القاهرة أمس حول موضوع: “النزوح القسري وتحديات التنمية في القارة الافريقية “.
وشرحت السفيرة في كلمتها أن النزوح قسري يعني ان هناك اسباب قهرية هي التي أدت للاشخاص للنزوح ، و أن هناك نزوح داخلي و دولي قهري بجانب النزوح الطوعي ، ونحن في القانون الدولي نستخدم لفظ الهجرة الغير نظامية وليس الهجرة الغير شرعية الشائع إستخدمه من البعض وهو مصطلح غير دقيق ، لان القانون الدولي كفل حق التحرك و الهجرة للجميع ، وحتي تتضح المفاهيم ونحن في محفل علمي فلايوجد مايسمي هجرة غير شرعية و الا نكون بذلك نقوم بإلغاء و إغتيال المواثيق الأساسية لحقوق الانسان و الميثاق الخاص بالحقوق السياسية و الاجتماعية والإقتصادية التي تكفل كلها بوضوح حق الإنسان في التحرك و الهجرة ولذلك يجب ان نكون علي علم ومدركين لذلك .
وأوضحت السفيرة ان ٨٠٪ من النازحين في العالم داخليا ، وليس عبر الحدود في العالم ، والحروب و النزاعات هي اول اسباب النزوح القسري .
وأشارت السفيرة إلي بعض مناطق النزوح القسري في القارة الأفريفية في السودان و الكونغو الديمقراطية و أفريقيا الوسطي و بوركينافاسو ، وأن منطقة الساحل الافريقي بالكامل بها تحرك داخلي وتحرك مابين الدول المجاورة ، و في الجنوب القارة أيضا هناك نزوح قسري في المناطق التي يوجد بها نزعات أو عدم استقرار ، و السبب ليس فقط فقر في الموارد ولكن بسبب التغييرات المناخية فأغلب المدن الكبري في أفريقيا محاطة بدائرة من السكان النازحين داخليا يعيشون في مناطق غير مؤهلة ، وليس لديها خدمات و يعيشون في أحوال صحية مأساوية لانهم ينزحون من القري الي المدن بحثا وراء العيش و التوظيف ، وبسبب التغيرات المناخية تزداد هذه الأعداد من جراء الفيضانات والجفاف الغير مسبوق ، فقد أصبحت أراضي هؤلاء النازحين غير قابلة للزراعة ، وهم لايستطيعوا عمل موائمة لهذه الاراضي حتي يتمكنوا من إعادة زرعتها ، كما ان إرتفاع منسوب البحر يؤثر علي حرف المصايد و يؤدي الي تأكل في الشواطئ و الارض ، و هو مايعني أنه يأكل من حياة بشر علي الارض الذين ينتقلوا من الشواطئ الي الداخل المدن الغير مؤهلين للحياة فيها ، علاوة ان الاختلاف العرقي للنازحين يسبب أزمات أمنية للمدن الذين ينتقلوا لها ، و يدخل الإرهاب من بين الاسباب للنزوح الداخلي في مالي و نيجيريا و بوركينافاسو ، و في موزمبيق وهو مايشكل تهديدات لامن القارة ، وتهديد أيضا للأمن الغذائي للقارة من نزوح أهل الريف للحضر .
ونوهت السفيرة عن دور المرصد الافريقي للهجرة في رصد هذه الظواهر ، وإشتراكه مع معهد الإحصاء الإفريقي في الإحصاءات الخاصة بالهجرة بالقارة ، وتحليل هذه الأرقام والاستفادة منها في وضع وصنع وإقتراح سياسات أمام متخذ القرار في دول الإتحاد الأفريقي لنري مايفيد القارة والسيطرة علي الأزمات فيها .
ورد علي أسئلة الأساتذة و الطلاب الحاضرين للحلقة النقاشية عن الرعب في الغرب من الهجرة من الجنوب أجابت السفيرة أن جزء اساسي من إنشاء المرصد الأفريقي للهجرة هو الأرقام ، التي يتم التلاعب فيها ، فكل الأرقام والإحصائيات الخاصة بالهجرة حتي الآن تأتي من خارج القارة ، و٨٠٪ من المتحركين داخل القارة يتحركون داخل افريقيا و ٦٠٪ منهم يتحركون و ينزحوا داخل بلادهم ، ومن يتحرك الي خارج القارة لايشكل سوي ٢٠٪ من الهجرة الغير نظامية حول العالم ، وهم من يتم التركيز عليهم من الغرب مع التركيز أكثر علي الهجرة من أفريقيا دون آسيا ، مع العلم ان المهاجرين الغير نظاميين من آسيا أكبر من أفريقيا ، والسبب ان أفريقيا بها سكان من الأصغر سنا في العالم و ستظل كذلك لمدة طويلة ، و البلاد التي ليس بها مواليد جديدة كافية أصبحت بلاد “عجوزة” ولديهم رعب من التغيير الديموجرافي ، و هو قادم لامحالة و لن يستطيعوا ان يعيشوا بمثل الحالة لانهم لن يجدوا عمال وقوة عمل شابة في بلادهم ، وهناك دول تتاجر بموضوع الهجرة في دول الإتحاد الاوروبي للحصول علي أموال ، فإيطاليا من أكبر الدول المستقبلة للهجرة الغير نظامية و كثير من المهاجرين الغير نظاميين يعمل كعاملة رخيصة في الإنشاءات داخل إيطاليا ، وعندما نتحدث عن شبكات الهجرة الغير نظامية والإتجار في البشر المتواجدين في ليبيا فمن هذه الشبكات من هو مستقبلا للمهاجرين في ايطاليا و يجد لهم فرص عمل في الدول المستقبلة للهجرة الغير نظامية في أوروبا بصفتهم عمالة رخيصة .
و في النهاية حديثها أشارت السفيرة للطلاب أنهم الأمل وهم المعنيبن برسم الطريق للمستقبل ، ولابد ان يغييروا من طريقة تفكيرهم ، ويجتهدوا ليجدوا حلول مختلفة ومبتكرة ومستحدثة عن ماهو سائد ولم يستكمل من جهود جيلها من اجل أن يقودوا التنمية في بلدهم و القارة .
وقالت أ.د حنان محمد علي القائم بأعمال عميد كلية سياسية و إقتصاد جامعة القاهرة في كلمتها الإفتتاحية للحلقة النقاشية أن قضية النزوح القسري أصبحت من أكثر القضايا إلحاحا في العالم و تشكل تحديا كبيرا امام التنمية المرجوة والرخاء المنشود ، و أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أعلنت ان عدد النازحين و اللاجئين من جراء الحروب و الإضطهاد و العنف وإنتهاكات حقوق الإنسان قد تجاوز ١١٤ مليون في نهايةً شهر سيتمبر ٢٣ ، و أهم دوافع النزوح القسري في النصف الاول من عام ٢٠٢٣ كان الحرب الاوكرانية و الصراعات في السودان والكونغو الديمقراطية والجفاف و الفيضانات وإنعدام الأمن في الصومال والأزمة في افغانستان ، و في أفريقيا يعد النزوح القسري ليس مأساة إنسانية ولكن تهديدا حقيقيا للسلام والتنمية .
وأشارت د. أماني الطويل مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلي وجود متغيرات في العامل العام الخاص بالإرهاب في مسألة النزوح القسري ، وان هناك عوامل غير منظورة الي جانب ظاهرة الإرهاب في القارة التي تهدد المجتمعات المحلية و المسببة لنزوح القسري وان هناك متغيرات في بطن هذه الظاهرة ربما تكون غير مرئية ، وهي ان المنظمات المتطرفة في أفريقيا اليوم تجد لها حواضن شعبية ، و هناك حالة من حالات التعايش بشكل أو بأخر في بعض هذه المجتمعات خصوصا في بوركينافاسو بين المنظمات المتطرفة و الجريمة المنظمة وفواعلها و بين المجتمعات المحلية ، و هذا يزيد من الصعوبة بدرجة كبيرة علي الدول والفاعلين لمواجهة الظاهرة الإرهاب و التعامل معها لانهم يتعاملوا مع جزء من السكان ، وأوضحت ان التنظيم المتطرف بوكو حرام في نيجيريا له قدرة علي إختراق الدولة نفسها بما فيها المؤسسة العسكرية و هو مايزيد من صعوبة المشكلة علي مواجهة هذا التنظيم المتطرف .
و أضافت ان بالنسبة للعوامل البيئة المرتبطة بتغيير المناخ فلدينا بالقارة جفاف في بحيرة تشاد مؤثر علي خمس دول أفريقية بهذه المنطقة وهو ماأدي الي هجرة قسرية ، و ان العوامل الاخري الغير منظورة هي عامل الثقافات المحلية في أفريقيا والصراع علي الموارد وحالة الدولة الوطنية التي صممت حدودها بشكل يجعلها غير مستقرة ، بسبب أن مؤتمر برلين ١٨٨٥ خص مناطق النفوذ للدول الكبري في افريقيا و بعض دول العالم دون إعتبار للواقع المحلي و الطبيعية الجغرافيا القبلية فيها ، وهو ما ترك ١١١ خلاف حدودي في القارة الأفريقية بعضها تم حله و البعض الاخر مازال قائم ، وهو مايشكل حالة من عدم الاستقرار و ترتب عليه ان الدولة الافريقية نتيجة لعدم التماثل بين الحدود و الجغرافيا الإجتماعية أصبحت تعاني داخلها من خلافات عرقية و قبلية حادة وهو ما أضعف من قدرات وعافية الدولة الوطنية والنظام العام .
و قد أدرت ندوة الحلقة النقاشية أ.د. هالة أحمد الرشيدي أستاذ مساعد العلوم السياسية والقانون الدولي بكلية ومدير المركز .