نميرة نجم : ينبغي فرض تدريس التغير المناخي كمادة أساسية بالمدارس لخطورته علي مستقبل الحياة بالأرض.
الراصد الإثيوبي -متابعات
الثلاثاء 12 ديسمبر 2023
أكدت السفيرة الدكتورة نميرة نجم مديرة المركز الافريقي للهجرة (AMO) أن آثار التغيير المناخي أصبحت حالة يجب تتحول وتنتقل من نقاش علي مستوي خاص له صبغة وصفة نخبوية وسياسية متخصصة الي قضية محورية و مستوي نقاش عام و مفتوح ومتصل وجماعي لكافة البشر علي مستوي كوكب الارض ، ويجب ان نتتحدث مع أطفالنا وجيراننا وزملائنا وأصدقائنا وعائلتنا عن العمل المناخي فهذه مهمتنا جميعًا ،ويعنينا جميعا ، لا أحد يستطيع أن يقوم بكل العمل بمفرده لكن يمكننا القيام به معًا جميعا ، ومن هنا فأنه أصبح مطالبا أساسيا وملحا تهيئة الطريق و العقول لفرض تدريس مادة البيئة والمناخ منذ الصغر في مناهج المدارس كمادة أساسية في شتى أنحاء العالم ، بهدف المعرفة و توعية الاطفال و تنشئة الشباب والأجيال الجديدة علي العلم والوعي الكامل بمخاطر التغيرات المناخية على مستقبلهم و الحياة والصحة و الهجرة وسبل العيش على كوكب الأرض ، وذلك للحد من آثار التغيير المناخي والتكيف معها، فيجب أن يتعلم الانسان منذ مراحل الطفولة كافة المشكلات و التحديات و المصطلحات وماهو الاحتباس الحراري و الانبعاثات الحرارية الناجمة عن الأنشطة البشرية، و تأثير ثاني أكسيد الكربون و غاز الميثان، والبصمة الكربونية و الوقود الاحفوري و المحافظة علي درجة حرارة الارض، ويجب إرشادهم و مشاركتهم منذ الصغر ، وإشعارهم بمسئوليهم في الحفاظ الارض و إدراك كيفية التكيف للحفاظ على وجودهم ومصائرهم علي الكوكب ، مؤكدة ان الإحصائيات تشير ان 49% من البشر في العالم ما زالوا لا يعلمون أو غير مجهزين أو مقتنعين بأن التغير المناخي يمثل أزمة كبيرة ، ويحتاج لإجراءات فورية وعاجلة للتعامل معه ، ومدي خطورة هذه التغيرات المناخية علي صحة كوكب الأرض مع القيود المتزايدة التي تفرضها الدول علي حرية التنقل فيه ، وبالتالي على حياة البشر ،جاء ذلك خلال كلمتها في حلقة النقاش التي نظمها المرصد الأفريقي للهجرة (AMO) ” حول بيانات الهجرة وتغير المناخ وتأثير الزراعة” ، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بمؤتمر المناخ COP 28 المنعقد في دبي بالإمارات.
وشددت السفيرة في كلمتها بحلقة النقاش علي أهمية البيانات في إدراك التأثير الفعلي لتغير المناخ على الزراعة والهجرة ، وشرحت أهمية الحصول على البيانات الصحيحة لتوقع التغييرات والاستعداد لها خاصة في المناطق الريفية، ولضمان التعليم لإقناع السكان الأفارقة بآثار تغير المناخ على أراضيهم، ولإنشاء خرائط طريق لإيجاد حلول ومساعدتهم على التكيف والبقاء في أراضيهم إذا لزم الأمر، كجزء من التكيف بديلا للهجرة والنزوح .
وأوضحت السفيرة أهمية البيانات لفهم الهجرة في أفريقيا، مؤكدة أن 80 ٪ من الأفارقة يتنقلون داخل أفريقيا ، وأن الأفارقة مرتبطون بأرضهم كجزء من كبريائهم ،وهم يتحركون عند مواجهة كوارث تغير المناخ أو للهجرة الاقتصادية بحثاً عن فرص عمل.
و ركزت السفيرة علي أهمية وجود البيانات الدقيقة في الوقت المناسب لآتخاد قرارات سياسية و إقتصادية و صحية و إنسانية ، حيث أن البيانات التي تأتي في معظمها من المنظمات الدولية من خلال بحث مطول، حتى عندما يتم تحديثها سنويا أو نصف سنوية لاتكون كافية بدرجة ، خاصة للتوقع وإيجاد الحلول المتعلقة بالكوارث الطبيعية، وأكدت نجم علي الحاجة إلى نشر أجهزة الرصد المناخي و الكمبيوتر العملاقة في القارة لتوقع المناخ وتأثير الكوارث الطبيعية ، وأنماط الطقس، بما في ذلك المسودات أو الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في أجهزة وهيئات الرصد الدول الافريقية مع التركيز مبدئيا ومرحليا علي الدول الاكثر تضررا .
وشددت السفيرة على الحاجة إلى اتباع نهج شامل يدمج العناصر والروابط المختلفة، وضرورة أخذ ذلك في الاعتبار عند التمويل والاستثمار في التكنولوجيا الاستباقية ، إلى أهمية الفهم كمثال حدوث تيارات هوائية في شرق أفريقيا أو منطقة الساحل، وكذلك الشلالات الغزيرة غير المسبوقة في منطقة الساحل والتي أدت أيضًا إلى كوارث ونزوح داخلي، وأيضًا فيضانات في شرق أفريقيا مثل الفيضانات في تنزانيا ، و الحاجة إلى المعرفة للاستعداد لمثل هذه الكوارث والتخفيف من تأثيرها المدمر على الاقتصادات.
وأشارت السفيرة إلى أهمية الفهم والاستعداد للاتجاهات المتعلقة بالحركات من الريف إلى الريف ومن الريف إلى الحضر مما يؤدي إلى ركود المناطق حول المدن، وانعدام الأمن الغذائي ، والحاجة إلى تكييف الأراضي لتناسب الناس في المناطق الريفية حتى يتمكنوا من البقاء ومنع الزيادة في أعداد السكان.
وقالت د.نزهة بوشارب، وزيرة التخطيط العمراني وسياسة الإسكان والمدينة السابقة بالمغرب ، ونائب رئيس مؤسسة بيت المناخ المتوسطي ان منطقة شمال أفريقيا التي تعتمد المجتمعات فيها على الزراعة وبالتالي تؤثر التغيرات المناخية فيها على الهجرة داخليا وخارجيا، ودعت إلى وضع سياسات واستراتيجيات لمساعدة الناس على البقاء وبناء القدرة على الصمود من خلال تعزيز توافر البيانات وجودتها، نظرا لأن جودة البيانات مهمة ، وإنتاجها مكلف ويحتاج إلى أشخاص وموارد واستثمارات متزايدة ،
وشددت الوزيرة المغربية السابقة على أهمية العلاقة بين الهجرة وتغير المناخ والزراعة وضرورة التعاون من أجل التوصل إلى حلول لها ، و إلى أهمية البيانات الجيدة التي تتضمن مؤشرات ملموسة تُفهم بنفس الطريقة عبر مختلف البلدان والجهات الفاعلة ، وأن جودة البيانات تمثل تحديًا كبيرًا لجميع البلدان، نظرًا للحاجة إلى بيانات متسقة وفي الوقت المناسب ، والطبيعة السياسية المتعلقة بقضايا تبادل البيانات حتى داخل البلد نفسه ، و أهمية وجود منصات للبيانات، مشددة على أن توافر البيانات وجمعها يعد عاملاً في زيادة سلامة الفئات السكانية الضعيفة.
وأكد د. شكيب جنان المدير الإقليمي للتنمية المستدامة لمنطقة غرب ووسط أفريقيا بالبنك الدولي علي تأثير تغير المناخ على زيادة وتيرة الجفاف في منطقة الساحل، حيث أصبح نمطا أن يكون الجفاف كل 2.5 أو 3 سنوات تقريبا بدلا من كل 10 سنوات، مما يؤدي إلى تأثير كبير على المجتمعات الريفية، بما في ذلك فقدان المحاصيل والماشية واستخدام الهجرة كآلية للتكيف.
وشدد على الحاجة إلى الاستثمار في بدائل مثل الزراعة الذكية مناخياً والتعليم لمساعدة المزارعين على فهم تغير المناخ بشكل أفضل، فضلاً عن وضع تقنيات للمساعدة في التعامل مع تغير المناخ، مثل استخدام البذور المقاومة للجفاف والبدائل مثل تقنيات تجميع المياه ، و إلى جمع بيانات لفهم أنماط الطقس وتوقعها للاستعداد لزراعة المحاصيل ، وموعد الحصاد، وفهم تأثير تغير المناخ ليس فقط على الأمطار ولكن على الماشية وصحتها وحركة أو نمو النباتات والحشرات.
وأشار إلى تأثير تغير المناخ في غرب ووسط أفريقيا حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي من 9 ملايين إلى حوالي 45 مليونا في الفترة من 2014 إلى 2023 ويرتبط معظمها بتغير المناخ و بسبب الصراعات في المنطقة.
واضاف ان هناك عناصر أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار مثل المنافسة على الموارد الطبيعية بين المزارعين والرعاة والتي لها تأثير مباشر على الهجرة وأهمية البيانات لتجنب هذه المنافسة.
وقد أدارت ندوة حلقة النقاش الدكتورة إيلينا سيما، المحاضرة و أستاذ القانون الدولي العام بجامعة جنيف.