تحديات السودان
حذيفة زكريا محمد – كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي-السودان
الأربعاء 25 أكتوبر 2023
لا يبدو في الوقت الحاضر علميا، ووفقا للواقع السياسي المعقد في السودان ومن خلال الحرب التي تعيشها البلاد، أن العاملين السياسيين في طريقهم إلى إيجاد مخرج للأزمة السودانية بكل أبعادها، جوانب في عملية إيجاد نظام لائق لها، رغم اعتراف كل حزب سياسي سوداني بالخسائر الفادحة في الأرواح والاقتصاد.
أموال تستنزف الأمة وتهدد أسسها مبادرات ولقاءات حول العالم وغيرها من الاستعدادات لإنهاء هذه الأزمة وفتح حوار سياسي معمق يتناول كافة القضايا العالقة، لكن يبدو أن الأمور وللأسف ليست مقدر لها النجاح بسبب عدم صدق النوايا وتغليب المصالح الشخصية والحزبية والعشائرية على قضايا الوطن.
أسباب الفشل تكمن في عدم وجود صيغة توافقية تعزز العمل الديمقراطي وتؤسس لحوار حضاري رشيد يلبي ضرورات تطويره نحو تأصيل التحول الديمقراطي بعيدا عن النفاق السياسي والتحالفات الداخلية والخارجية،إضافة إلى الأنانية وعدم قبول الآخر وفتح الباب على مصراعيه أمام الدول الخارجية التي سيطرت على سير المعركة.
كما تعود أسباب الفشل إلى سوء إدارة الخلافات والتنوع بين الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية في البلاد وتشويه بعض الحقائق في تشكيل ملامح الوضع الراهن، بهدف كسب الرضا الفوري والاستفادة منه في مرحلة ما. لمصالح خاصة وحزبية.
الواقع السوداني الحالي مصدوم بحجم الخطابات التحريضية والاتهامات المتبادلة وسوء النوايا والتشكيك في الأهداف التي تطغى على مختلف الأطراف السياسية والتي تلقي بظلالها في لحظات حرجة على خطاب إعلامي يوحي بأن العمل السياسي يقوم على أساس معادلة رضا الذات وعدم رضا الآخر، وهو نظام يناقض ادعاء المساهمة في تحقيق فجوة إيجابية في النظام السياسي المطلوب.
إن الأزمة الحالية هي أزمة مفهوم محتويات الدولة في تفاعلاتها الطبيعية بين واقع السلطة ومظاهر الفكر السياسي والاجتماعي وانتهاج أسلوب يهدف إلى احتكار السلطة ولصالح السياسيين الذين يسعون إلى السلطة حسب طموحاتهم وأجنداتهم الخارجية.
ترشيد الخطاب السياسي السوداني مبدأ مهم يجب أن يرتكز عليه ودعوة كافة السياسيين إلى إعطاء الأولوية للغة الحوار وسياسة الصراحة والشفافية واللجوء إلى العقل والقوانين والدستور والقرار الأعلى المصلحة الوطنية هي الأساس.
الدعوة إلى الترشيد ليست اقتراحا عابرا في ظل أزمة يعانيها السودان بمشهد ضبابي وويلات تكاد تطيح بمرتكزات البلاد وأركانها وصيغة العيش المشترك وهو واقعي يقوم على القراءة الصحيحة لواقع الأزمة السودانية بكل تشعباتها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، بسياسات الظرفية والآنية والمصالحية والمحاصصة والتشتت.
وفي الرؤى ضمور الانسجام المطلوب، ولو إلى أدنى حد ممكن، وتضارب وجهات النظر بين الرأي العام.
الهلال السوداني شعاع أمل – الراصد الاثيوبي – ETHIO MONITOR
ومن ناحية أخرى، يفترض وفقا للنظام الديمقراطي أن تكون هناك مجموعة فكرية مستنيرة واعية وشجاعة، تعرف بأنها أكثر عقلانية من جنون الخطاب السياسي، وأن تكون هذه المجموعة أكثر تماسكا وانسجاما
إن خيار الحوار العقلاني تحت عناوين الدستور والقوانين النافذة هو المسار الأكثر عقلانية وقبولاً كنظام سياسي في واقع السودان المثقل بالأزمات والمزالق والمشكلات وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه بعض المسؤولين لمعالجة الأزمة بدلاً من الاعتماد على الحلول الضعيفة التي ربما تتحول إلى حلقات من الفوضى والارتباك تتحقق فيها ما لم يتمناه أحد.
اليوم المطلوب من كل مفكر ومثقف ومتخصص وحتى رجل دين الالتزام بمساعدة السودان على الخروج من الأزمة الحرجة، وعليهم استنكار كل محاولة لإعادة الشعب السوداني إلى استخدام مختلف أنواع الحلول غير المنطقية والذاتية.
المطلوب اليوم هو ترشيد الخطاب السياسي المشبع بالحرية الشخصية والكرامة والعدالة الاجتماعية وأسلوب العيش والسعي الجاد نحو تحقيق العدالة.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،