ضعف الدور الإثيوبي وتباين الأدوار الإقليمية والدولية يعقد الأزمة السودانية
الراصد الإثيوبي- السودان
هيثم عثمان
الثلاثاء 25 إبريل 2023
يتخوف مراقبون من أن تمثل الأهمية الجيو-استراتيجية للسودان إلى تحويله لساحة استقطاب دولي مع اتساع الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وروسيا الصين في السودان.
ومع استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم تتعقد الأوضاع بصورة متصاعدة مع ضعف أو غياب الدور الإثيوبي الفاعل في التوسط بين الطرفين لإيقاف الحرب.
وفي خضم أزمة سابقة بعد عملية فض اعتصام المتظاهرين السلميين الدموية من أمام قيادة الجيش السوداني في الخرطوم في الثالث من يونيو 2019 ومقتل اكثر من 100 وإصابة المئات واختفاء العشرات جاء تدخل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لحل الأزمة.
ونجح آبي، خلال زيارة كانت الأولى وسابقة لأول رئيس ومسؤول دولة أخرى للخرطوم بعد أيام من فض الاعتصام والمواجهات الدامية بين أجهزة الأمن السودانية والمتظاهرين في إعادة الأمور لنصابها وجمع المدنيين والعسكريين ما أسفر لاحقا عن التوقيع على ما يعرف في ذلك الوقت بالوثيقة الدستورية.
وخلال عملية التوقيع على الوثيقة الدستورية في أغسطس 2019 حظي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بتصفيق حار من الحضور أثناء مراسم التوقيع.
كما زار آبي أحمد، الخرطوم نهاية يناير الماضي في محاولة لحل الأزمة السودانية يعد توقيع الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر 2022 بين المدنيين والعسكريين.
هذه المرة ومع احتدام الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي بدأت في الخامس عشرة من أبريل الجاري انشغلت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بإجلاء رعاياها وتأمين تلك العمليات.
ورغم الدعاوى والمناشدات التي أطلقها قاعدة العالم والمنظمة الأممية لقادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لوقف الحرب إلا أن تلك الخطوة لم تجد آذان صاغية واستجابة من المتصارعين حتى الآن.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية المشارك في عدد من الجامعات د. فتح العليم أحمد، في حديث للراصد الإثيوبي أن حل الأزمة ربما ينجح من خلال طرح أديس أبابا لمبادرة جديدة.
وقال إن أطراف الصراع قد تقبل بصورة كبيرة المبادرة الإثيوبية للثقة المتبادلة بين البلدين والعلاقات الجيدة القائمة على تبادل المصالح الخالي من الأجندة السياسية الخاصة.
وتظهر بين الفينة والأخرى عدة مبادرات من بعض دول الخليج ودول إقليمية لكنها لا تبدو ذات تأثير على القادة العسكريين الذين يواصلون القتال بالسودان.
ويشير مراقبون إلى أهمية قيادة الحكومة الإثيوبية لمبادرة أو التنسيق مع الاتحاد الأفريقي لدفع القادة العسكريين السودانيين لايقاف القتال والتفاوض.
وذكرت وسائل إعلام محلية سودانية أن منظمة إيقاد تخطط لإرسال عدد من الرؤساء للعاصمة السودانية لحث القادة العسكريين السودانيين على إيقاف الحرب.
وتقول وسائل إعلام محلية سودانية أيضاً أن مفوض الاتحاد الأفريقي موسى فكى يسعى منذ الأسبوع الماضي للسفر للسودان في محاولة لاقناع القادة العسكريين السودانيين لوقف إطلاق النار والذهاب للتفاوض.
ولتقديم ما يلزم لحل الأزمة السودانية يؤكد الباحث والمتخصص في الشؤون الأفريقية محمد سعيد، للراصد الإثيوبي أن الوساطة الإثيوبية ستجد قبولاً كبيراً لدى أطراف الصراع في السودان.
ولفت سعيد، إلى توفر عنصر الثقة في آبي أحمد عند العسكريين وتمتعه أيضا بشعبية جيدة في الاواسط السودانية.
ونوه في الوقت نفسه إلى التدخل المصري في الأزمة السودانية بعد توقيع الاتفاق الإطاري واستضافة القاهرة لمجموعة مناوئة للاتفاق الإطاري وهو ما أصاب العملية السياسية بكثير من المشكلات.
القاهرة وسط غياب دور معلن بشكل واضح حول قيادة مبادرة لحل الأزمة السودانية رغم العلاقة الجيدة بين قائد الجيش السوداني عبد المفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيئين تكتفي بإيفاد رسائل فقط بضرورة التفاوض والحوار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ويحوي الموقف الليبي إعلاناّ بضرورة وقف القتال والتفاوض، في وقت نفى فيه خليفة حفتر إمداد قوات الدعم السريع التي صنفها الجيش السوداني مجموعة متمردة.
وفي افريقيا الوسطى لا تبدو المواقف السياسية واضحة مع تخوفات من تحول الدولة المجاورة للسودان إلى قاعدة لادخال السلاح والمقاتلين للسودان مع اشتداد وتوسع القتال.
وفي تشاد، كان موقف القصر الرئاسي في انجمينا واضحاً وبطريقة مطلقة وبائنة بدعم موقف الجيش السوداني في الأزمة الجارية، كما تعد الدولة التي يبلغ طول حدودها مع السودان نحو ألفين كيلومتر.
وفي جنوب السودان يتطلع المسؤولون للعب دور بين المتصارعين خاصة وأن الدولة التي عانت من حرباً أهلية تسعى منذ فترة لقيادة أدوار مؤثرة في السودان ومنع مخاوفها من وقوع عقبات لوجستية لنقل نفطها عبر السودان.
وتخفي إريتريا بحسب متابعين موقفها من الأزمة السودانية وتضعه في خانة أقرب لمراقبة الوضع مع مخاوف واضحة لدى عدد من المراقبين من تحول الدولة المجاورة للسودان شرقاً لقاعدة إمداد للسلاح والمقاتلين للسودان مثل ما حدث خلال الأزمة الإثيوبية الأخيرة بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير تيغراي.
وأعلنت كينيا الدولة التي كانت تجاور السودان جنوباً قبل الانفصال في 2011 رغبتها في التوسط بين الجنرالين المتقاتلين.
وتبلور نظرة عامة للموقف العربي خاصة السعودي المشاطئة للسودان اولويات واضحة كان أهمها للمملكة في إجلاء رعاياها ومنع نقل القتال شرقاً لضمان عدم تأثر الأوضاع في البحر الأحمر وأمنه.
وتتهم دوائر سياسية بعض الدول العربية بدعم أحد طرفي الصراع في ظل نفي مستمر لتلك الدول لذلك الجانب.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على سياسة الضغط على الطرفين المتقاتلين لوقف الحرب لكن في نفس الإتجاه يقول مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيف بوريل ان المجتمع الدولي قادر على الضغط على الأطراف العسكرية السودانية لوقف إطلاق النار والعودة للتفاوض.
ويبين الموقف الأمريكي بشكل واضح رفض البيت الأبيض للحرب في السودان لما يمكن أن يجره على الإقليم ويشكل تهديداّ وجودياً تتقاطع مع المصالح الأمريكية في المنطقة.
ويعكس الاهتمام الإعلامي الإسرائيلي بالأزمة السودانية الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية التي تتخوف من انهيار ما قامت ببنائه خلال الأعوام الثلاثة الماضية لتطبيع العلاقات مع السودان وما تحققه مع اتصالات جيدة مع الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان.