من أرشيف دفتر تجوال ورحلات ابن شداد الحجارى فى بعض بلاد شرق افريقى
إبراهيم شداد -إثيو-سودانى
الراصد الإثيوبي – تنزانيا
انتهزت عطلاتى لتنفيذ رحلات ومغامرات برية وبحرية لزيارة آثار الامارات والسلطنات ذات الطراز الاسلامى المنسية فى شرق افريقيا، بدأ بمرسي ناماساتى فى تنزانيا على دلتا مصب نهر روآها فى المحيط الهندى.
الوصول برا من دارالسلام الى مرسي ناماساتى عبر غابات مطرية لمسافة ٤٢ كيلومتر من كيبيتى المدينة الريفية وعلى بعد ٣٠٠ كيلومتر فى طريق الاسفلت السفرى جنوبا من دارالسلام.
وقرية ناماساتى تطل على خليج يعج بجزر صغيرة فى أرخبيل المافيا واسطة العقد فى أمتداد جزر أرخبيل زنجبار-كيلوا كيسيانى، وهى الملاذات الآمنه التى هاجر اليها بعض الأمويون والمسلمون منذ القرن الثامن الميلادى وشيدوا سلطنات أسلامية منسية فى شرق افريقيه.
ولدى أحساس قوى أن مرسي ناماساتى معبر مهم من المحيط الهندى بحيرة المدنيات والحضارات فى جنوب خط الاستواء الى الأواسط الجبليه فى بر تنجانيقا التاريخية، حيث نشأت سلطنة أرينقا الاسلامية، والتى لم تحفظ ذاكرة التاريخ لها الا نهاياتها فى حرب الشهيد ماكافا الافروعربى زعيم قبيلة الهئهى المسلمه وحلفه مع ثائر آخر أفروعربى وهو صديقه البشير بن سالم الحريثى ضد الاستعمار الألمانى، والذى حدث ضمن التكالب الاستعمارى الأوربى على قصعته فى شرق افريقية لتقاسم ثرواتها الطبيعية.
ان حافزى من هذه الزيارات الخاطفة هو تحصيل ما أمكن من معلومات لالقاء بصيص من الضوء على التاريخ المطوى والمنسي لهذه السلطنات الافروعربية والاسلاميه، بعد النذر اليسير الذى سمعته من الزعيم الشاب آدم وهو حفيد من الجيل الخامس للشهيد ماكافا الزعيم العظيم لقبيلة الهئهى المسلمه، والتى ما زالت تتعرض كغيرها من العرقيات الافروعربية فى شرق افريقية عامة وتنزانيا خاصة لحملات مكثفة تبشيرية كنيسية تمحى تاريخها الاسلامى وانتمأئها الافروعربى لدرجة أن الاحفاد الحاليين يجهلون تماما التحدث باللغة العربية.
وآدم هو الزعيم الحالى لقبيلة الهئهى والذى تشرفت بمقابلته فى زيارتى السابقة الى مدينة واقليم ارينقا على بعد ١٢ ساعة سفر بالسيارة من دارالسلام.
بعد سقوط الخلافة الأموية بدأت هجرة بعض من بنى اميه والمسلمين الى ملاذات آمنه فى جزر شرق افريقيه ابتدأ من جزيرة دهلك فى ساحل ارتريا وجزيرة لامو ومراسي ماليندى وممبسا على الساحل الكيني ومراسي بقامويو ودار السلام (كندوتشى) وجزر ألارخبيل الكبير الشامل والممتد ومتقطع ليشمل ارخبيل زنجبار وارخبيل المافيا -وارخبيل كيلوا كيسيانى.
وقد زرت اطلال الآثار الاسلاميه فى جزيرة لامو وتمباتو وبقامويو وكندوشى فى دارالسلام وجزيرة كيلوا كسوانى ومرسي نماساتى والذى تحول الى ميناء حديث ما بين تنزانيا وجزيرة المافيا ضمن أرخبيل زنجبار-المافيا- كيلوا كيسيانى.
هاجر الى هذه الجزر والمراسي ودواخل شرق افريقيه شيرازيون فرس وهنود وعرب عبر المحيط الهندى بحيرة الحضارات فى جنوب خط الاستواء، وأسسوا مستوطنات ابتداء من القرن ٦ الميلادى.
وافادنى الشيخ مشنقا بن حاج شيخ من اعيان جزيرة تمباتو ان التاريخ المروى لجزيرة تمباتو يروى ان وفدا من اهل مستوطنة جزيرة تمباتوا لما سمعوا بالرسول ﷺ ذهبوا الى المدينة المنورة ووصلوها بعد وفاته ﷺ بثلاثة اشهر ولم يعودوا بعد ذلك الى تمباتو، وفى الفتنة الكبرى وبعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه فى عام ٣٥ هجرية، جاء قرشي اسمه محمد بن حسن بن محمد الى جزيرة تومباتو وشيد المسجد الصغير والعتيق بساحلها فى عام ٣٧ هجرية والذى يعتبر اول مسجد بنى فى أرخبيل جزر زنجبار.
ورأيت لوحة تاريخ بناء هذا المسجد التاريخى باللغة السواحيلية المخطوطة بالحروف العربية وقبل ان يحول الرئيس التنزانى الراحل نيريرى كتابة اللغة السواحيلية الى الحروف اللاتينية.
ثم انداح العرب والمسلمون خلال انتشار الاسلام فى القرن ٨ الميلادى ولتزدهر هذه المجتمعات السواحيلية خلال القرون ١٢- ١٥ الميلاديه، وأدت هذه الهجرات المتلاحقة الى قيام المجتمعات السواحيلية الافرواسيويه بالأختلاط العرقي والاجتماعي والثقافي مع بانتو الجزر وسواحل افريقيا الشرقية
واسسوا امارات وسلطنات أسلامية ضمن العقد الفريد من امتداد الامارات والسلطنات الاسلاميه فى سواحل شرق افريقية ودواخلها فى الصومال واتريا واثيوبيا وكينيا وجزر انقوجا وبمبا وتمباتو المأهوله وكبرى جزر الارخبيل الزنجبارى وجزيرة المافيا وجزيرة كيلوا كسوانى.
يقال ان اللغة السواحيلية نشأت فى جزيرة تمباتو احدى اكبر ثلاثة جزر (انقوجا وبمبا وتمباتو) فى الارخبيل الزنجبارى، واللغة السواحيلية مزيج من العربية ولهجات البانتو حيث تمثل المفردات العربية فيها ما لا يقل عن ٤٠% مع كسر نطق نهاية الكلمة كما تنطقها قبيلة الشايقية الافروعربية فى شمال السودان، ثم أنتشرت وانداحت اللغة السواحيلية الافروعربية فى شرق افريقيا الحالية ابتداءا من كينيا ومرورا بتنزانيا وانتهاءا بشمال موزمبيق.
والجدير بالذكر ان الاتحاد الافريقى قد أعتمد اللغة السواحيلة كأحدى الغات الرسمية لعمله، ومزاج الوجدان الموسيقى للمجتمعات السواحيلية هو الموسيقى والغناء المسمى بالطرب والآته الوترية وايقاعاته بالدف والطار والرق والرقصات المستمدة من مزيج الوجدان الشرقى وخاصة الخليجى العربى والهندى.
وقد اضمحلت هذه السلطنات الاسلاميه وانتهت فى القرن ١٨ الميلادى بمجئ المستعمرين الالمان الذين عملوا على القضاء عليها وتشويه تاريخها المجيد وماضيها التليد بتلفيق الروايات ورمى اللوم على سلاطين واشراف وأعيان هذه المجتمعات والسلطنات الاسلامية باسترقاق الزنوج الوثنيين وممارسة تجارة الرق وطقوس وثنيه بدفن الاحياء مع موتاهم.
وقد عبر بعض من المهاجرين العرب والمسلمين عبر مرسي ناماساتى قبالة جزيرة المافيا الى المرتفعات الجبلية فى اواسط تنجانيقا التاريخية للتجاره والاستقرار والاختلاط العرقى بالبانتو، وظهر هجين افروعربى حكم قبائل البانتو التى اسلمت ثم أنشاؤا سلطنة ارينقا الاسلاميه.
باسلام قبيلة الهئيى المسلمة فى أواسط جنوب غرب تنزانيا، ولم تحفظ ذاكرة التاريخ لهذه السلطنة الأسلامية سوى نهاياتها فى حرب الآفروعربى مكوافا زعيم قبيلة الهئهى المسلمه وحلفه مع ثائر آخر آفروعربى وهو صديقه البشير بن سالم الحريثى ضد الاستعمار الألمانى.
أنشأت الامبراطورية الالمانية مستعمرتها فى تنجانيقا التاريخية ضمن محمية شرق أفريقيا الألمانية بنهاية القرن ١٨م، وضمَّت المستعمرة مناطق راوندا وبوروندي ومنطقة البحيرات العظمى الأفريقية، وعقدت المانيا وبريطانيا معاهدة لتقسيم شرق افريقيا واتفقا على تقسيم البر الافريقى بينهما فاحتج سلطان زنجبار بأنه حاكم زنجبار والبر الافريقى فأرسل الالمان سفن حربية الى زنجبار وهددت بتدمير قصر السلطان، ولم يكن لدى سلطان زنجبار أي خيار سوى الخضوع والاستسلام.
فسيطر الالمان على المراسي التجارية
فى بقامويو ودار السلام وشيدوا قلاع عسكرية في أرنقا وبقامويو التى اتخذوها عاصمة لمحميتهم الاستعمارية فى شرق افريقيا،وبذلك سيطروا على طرق القوافل التجارية الى دواخل افريقيا الشرقية، فثار الافروعرب الحكام والتجار المستوطنون، ولكن المانيا بمساعدة البريطانيين استطاعت اخماد ثورة الشهيد البشيرى وشنقه بعد اتهامه بتجارة الرقيق فى مرسي بقامويو، فثارت قبيلة الهئهى المسلمة بقيادة الزعيم مكواوا ضد الاستعمار الألماني،و لكنهم هزموا لأن القبائل الوثنية المنافسة ساندت الألمان،فلجأ الزعيم مكوافا لحرب العصابات وبعد سنوات حوصر وفضل الانتحار من الوقوع أسيرا فى يد الالمان عام ١٨٨٩م، وبذلك سيطر الاستعمار الالمان وقضوا على سلطنة أرنقا الاسلامية وتحكمها فى تعدين الذهب والنحاس والملح وتجارة العاج وجلود الحيوانات البرية ما بين دواخل شرق افريقية متضمنة ايضا زامبيا وزمبابوى وانقولا وملاوى وعبر المراسي المنتشرة فى غرب المحيط الهندى الى العالم القديم، وقد صحبت الحملات العسكرية الالمانية بعثات كنسية تبشيرية لمحو الهوية الاسلامية لسلطنة أرنقا الاسلامية وثقافتها وانتمأئها الافروعربى ونفوذ أجيال من هجينها الآفروعرب.
زرت المتحف الصغير فى قرية كالينقى غرب مدينة أرنقا حيث مات الشهيد مكواوا الزعيم العظيم لقبيلة الهئهى المسلمه، ورأيت آثاره فى المتحف ومن ضمنها جمجمته المحتفظ بها فى صندوق زجاجى والمفترض تطيبها ودفنها بما يليق بزعيم مسلم، وخاصة قد اطلنا عهد ماما سامية الرئيسة الحالية لتنزانيا وهى آفروعربية من اصول يمنية ومسلمه تحب المسلمين والمشائخ والعلماء، وقد تمكنت من مقابلة الزعيم الحالى لقبيلة الهئهى المسلمه وهو الشاب آدم الحفيد من الجيل الخامس لذرية مكوافا الزعيم العظيم.
جزيرة تومباتو فى الارخبيل الزنجبارى
تقع جزيرة تومباتو فى شمال جزيرة أنقوجا العاصمة وكبرى جزر الارخبيل الزنجبارى، وتومباتو هى ثالث أكبر جزر الأرخبيل الزنجبارى حيث تقع شمال جزيرة انقوجا وجنوب جزيرة بمبا وضمن عدة جزر أخرى غير مأهولة فى الأرخبيل الزنجبارى بغرب المحيط الهندى المطل عليه ساحل شرق افريقية.
الوصول الى جزيرة تومباتو بالعبارة الفارهة السريعة والأحدث على طول ساحل افريقيا الشرقية من دارالسلام الى جزيرة انقوجا ثم بالسيارة لمسافة حوالى ٤٠ كيلومتر تقطعها السيارة فى ساعة باتجاه الشمال الجغرافى ومرورا بعدد من القرى فى وسط جزيرة انقوجا وهى كيناسانى وكيسمانى واواقو وكليندى ثم الوصول الى مرسي مكوكوتونى على ساحل المحيط، أجرة الوصول بالسيارة الخاصة حوالى ثلاثين دولار وأجرة المقعد الواحد اقل من دولار فى حافلة قشاش مريحة وسريعه، الطريق المسفلت يمر بالدور والحوانيت والمساجد والمزارع الخضراء اليانعة المكتظة باشجار وارفة من بينها اشجار المهوقنى ومناشيرها واشجار جوز الهند الباسقة والباباى والمانجو والجوافه وفاكهة Bread Fruit التى تشوى او تطبخ والليمون والقريب فرت والافاكادو والأنناس والجاك فرت والياشوكا والبرازيلى وقصب السكر والبان والتبلدى والبهارات والبفرة والخضروات على طول الساحل لجزيرة انقوجا.
ثم من مرسي مكوكوتونى الانتقال بقارب مزود بمكنة لعبور مسافة ٢ كيلومتر من المحيط الى بر جزيرة تمباتو، والاستمتاع بتجربة مغامرة رشح امواج المحيط مع زخات المطر فى موسم الخريف الحالى لدرجة تغطية الركاب المزودين بسترات النجاة من الغرق على احدى جانبى المركب بالمشمعات، وأجرة العبور ١٥ دولار للمركب الخاص ومع المجموعة ينزل السعر الى دولار للراكب الواحد.
وتومباتو جزيرة صخرية مرجانية صغيرة بطول حوالى ٨ كيلومترات وعرض ٢ كيلومتر وتحيط بها حواجز الشّعاب المرجانيّة الصخرية التى تغمرها مياه المحيط الضحلة وخلال جزر أمواج المحيط يضطر القادم الى الجزيرة الى الخوض لمسافة حوالى خمسمائة متر للوصول الى بر الجزيرة المرجانى الصخرى والمغطى بالقواقع والاصداف فى معظمه. وفى جزيرة تمباتو قريتان بينهما مسافة حوالى اربعة كيلومترات والقرية الاولى هى تومباتو جنقوى (الجنوبية) والقرية الثانية هى تومباتو تشنقانى (الشمالية). وتفتقر الجزيرة لمياه الشرب العذبه والتى تضخ من مرسي مكوكوتونى المجاور فى شمال جزيرة أنقوجا عبر انبوب تحت سطح البحر الى تومباتو الجنوبية ومنها تننقل بالجركانات على شاحنات الكانتر والدراجات الهوائية الى تومباتو الشماليه. مجتمع جزيرة تومباتو مسلم محافظ كبقية الجزر المأهولة بالسكان فى الأرخبيل الزنجبارى، فعادة الرجال المسلمون أرتداء الازار والطواقى والنساء محشمات او محجبات. وبعض رجال ونساء جزيرة تمباتو لهم قد تكيفوا بالسير حفاة الأقدام على سككها وطرقاتها المرجانية الصخرية الخشنة.
كانت جزيرة تومباتو مستوطنة لمهاجرين اسيويين عرب وفارسيين جاءوا اليها عبر المحيط الهندى بحيرة الحضارات فى جنوب خط الاستواء. وأدت هذه الهجرات المتوالية الى قيام المجتمعات السواحيلية الافرواسيويه أختلاطا عرقيا واجتماعيا وثقافيا مع بانتو جزر وسواحل افريقية الشرقية وابتداء من القرن ٦ الميلادى ثم خلال انتشار الاسلام فى القرن ٨ الميلادى ولتزدهر هذه المجتمعات السواحيلية خلال القرن ١٢- ١٥ الميلادى.
وقد قابلت الشيخ مشنقا بن حاج شيخ من أعيان جزيرة تومباتو وحدثنى أن الهجرات العربية بدأت من حضرموت الي جزيرة تمباتو قبل ولادة النبى ﷺ وبرهط من سبعة رجال بزعامة عبدالله شاكر وكانوا على الملة الحنيفية لسيدنا ابراهيم عليه افضل الصلاة والسلام ومروا بالصومال وجزيرة لامو وماليندى فى كينيا وساحل تنجانيقا حتى وصلوا الى جزيرة تمباتو فى الأرخبيل الزنجبارى. وان الطرق الصوفية وبخاصة القادرية انتشرت فى جزر الارخبيل الزنجبارى. وقد رأيت بعضا من مساجد وخلاوى ومدارس غير نظامية للطريقة القادرية وشهدت الطالبات المسلمات ينشدن وهن عائدات حاملات للمصاحف التى اهداهم لهن وفد تركى زائر للجزيرة. واستطرد الشيخ مشنقا بن حاج شيخ فى حديثه أن اللغة السواحيلية بأدى نشأتها فى جزيرة تمباتو ثم أنتشرت فى بقية المجتمعات السواحيلية بالجزر والسواحل فى افريقيا الشرقيه.
ومن المعروف ان اللغة السواحيلية مزيج من العربية ولهجات البانتو حيث تمثل الكلمات العربية فيها ما لا يقل عن ٤٠% مع كسر نطق نهاية الكلمة كما تنطقها قبيلة الشايقية الافروعربية فى شمال السودان. ثم أنتشرت وانداحت اللغة السواحيلية الافروعربية فى شرق افريقيا الحالية ابتداءا من كينيا ومرورا بتنزانيا وانتهاءا بشمال موزمبيق. والجدير بالذكر ان الاتحاد الافريقى قد أعتمد اللغة السواحيلة كأحدى الغات الرسمية لعمله.
ومزاج الوجدان الموسيقى للمجتمعات السواحيلية هو الموسيقى والغناء المسمى بالطرب والآته الوترية وايقاعاته بالدف والطار والرق والرقصات المستمدة من مزيج الوجدان الشرقى وخاصة الخليجى العربى والهندى.
وقد أشتهرت جزيرة تومباتو ضمن مستوطنات المجتمعات الساحيلية للافرواسيويين بسبل كسب العيش من صيد السمك والمرجان والزراعة وحرف الصناعات اليدوية للسعف والغزل والنسيج والفخار والحدادة ونجارة السنابيك والتجارة ومنذ القدم مع الملايو والصين والهند وفارس وجزيرة العرب.
وافادنى الشيخ مشنقا بن حاج شيخ ان التاريخ المروى لجزيرة تمباتو يروى ان وفدا من اهل مستوطنة جزيرة تمباتوا لما سمعوا بالرسول ﷺ ذهبوا الى المدينة المنورة ووصلوها بعد وفاته ﷺ بثلاثة اشهر ولم يعودوا بعد ذلك الى تمباتو. وفى الفتنة الكبرى وبعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه فى عام ٣٥ هجرية، جاء قرشي اسمه محمد بن حسن بن محمد الى جزيرة تومباتو وشيد المسجد الصغير والعتيق بساحلها فى عام ٣٧ هجرية والذى يعتبر اول مسجد بنى فى أرخبيل جزر زنجبار. ورأيت لوحة تاريخ بناء هذا المسجد التاريخى باللغة السواحيلية المخطوطة بالحروف العربية وقبل ان يحول الرئيس التنزانى الراحل نيريرى كتابة اللغة السواحيلية الى الحروف اللاتينية.
ثم جاء الامويون ومن بعدهم الشيرازيون وهم الذين اطلقوا عليها أسم تمباتو بمعنى الجزيرة المرجانية الصخرية القليلة الفائدة واعتزلوا مستوطنة تمباتوا وذهبوا وأسسوا ديارهم فى بقعة اخرى من الجزيرة وهى مكتوناى واسمها القديم شينقاوى حيث اثار بعض بيوتهم الحجرية المهدمة.
جزيرة لامو – كينيا
مدينة لامو الريفية القديمة فى جزيرة لامو والتي تعتبر جزءاً من أرخبيل لامو في كينيا وتُعد موقعاً للتراث العالمي في اليونسكو. وهي أقدم مستوطنات الشّعوب السواحليّة الافروعرب في أفريقيا الشرقيه وتأسست عام ١٣٧٠م. بُنيت هذه المدينة من صخورٍ مرجانيّةٍ ومن خشب الشورى Mangrove وتتميّز ببساطة أشكال أبنيتها التى صممت بساحات داخليّة وشرفات وابواب خشبيّة منقوشة بدقة.
ومنذ ١٩م شكّلت لامو مركزًا للاحتفالات الدينيّة الكبرى وبخاصة المولد الشريف، كما أصبحت مركزًا مهمًّا لدراسة الثقافات السواحلية الاسلامية.
تحتوي البلدة على قلعة لامو والتي بدأ بناؤها فى عهد سلطان جزيرة بيتي “فومو ماضي بن أبي بكر”، واكتمل بناؤها بعد وفاته في أوائل القرن ١٩م. وتحتوة جزيرة لامو المتوسطة على ٥٠ مسجدا كبير وصغير بما في ذلك مسجد الرياض الذي بُني عام ١٩٠٠م بينما محلية لامو التى تشمل جزيرة لامو الوسطى وجزيرة لامو الشرقيه والغربية بها ١٥٠ مسجدا صغير وكبير. الغالبية العظمى من سكان لامو هم من المسلمين وفى لامو الوسطى اربعة كنائس ولا توجد كنيسه فى لامو الشرقيه بينما لامو الغربيه بها عدد من الكنائس ومعظم المسيحيون وافدون واستقروا لكسب معاشهم.
وغزا البرتغاليون لامو للسيطرة على الملاحةالتجارية على طول ساحل المحيط الهندي. لفترة طويلة. ثم تمرد السكان بمساعدة الغارات البحرية العثمانية وكذلك ساعدت عمان فى مقاومة السيطرة التركية، ثم قامت لامو بتمردا ضدّ البرتغاليين وسيطرتهم.
كان العصر الذهبى للامو خلال تبعيتها للامبراطورية العمانية من ١٧م إلى أوائل القرن ١٩م وحُكمت لامو كجمهورية تحت مجلس شيوخ عُرف باسم يومب الذين حكموا من قصر في المدينة، ويوجد القليل من بقايا هذا القصر حتى هذا اليوم. خلال هذه الفترة اصبحت لامو مركزاً للثقافة والسياسة، والفنون والحرف والتجارة. وتم إنشاء العديد من مباني هذه البلدة خلال هذه الحقبة على النمط الكلاسيكي المميز.
عام ١٨١٢م ميلادية، غزى جيش تحالف بيتي ميزوري خلال معركة شيلا، وأحاطوا بشيلا بمقصد أسر لامو وإكمال تشييد الحصن الذي قد بُدأ من قبل ولكن قمعها السكان المحليين بعنف في قواربهم على الشاطئ بينما كانوا يحاولون الفرار. خوفاً من هجمات مستقبلية، ناشدت لامو العمانيين لحامية البوسعيدي للعمل على الحصن الجديد، ولتساعد على حماية المنطقة من متمردي المزروعي على طول الساحل الكيني.
في منتصف القرن ١٩م، أصبحت لامو تحت النفوذ السياسي للسلطان زنجبار. وادعى الألمان حماية منطقة ويتولاند في لامو سنة ١٨٨٥م. واعتبروا لامو منطقة ذات أهمية إستراتيجية ومكاناً مثالياً لقاعدة عسكرية وافتتحوا مكتب اتصالات وبريد المانى لتسهيل التواصل داخل المحمية الألمانية في السلطنة.، وقد كان مكتب البريد الأول الذي تم إنشاؤه على ساحل شرق أفريقيا، حتى هذا اليوم، وفى عام ١٨٩٠م سقطت كينيا ولامو تحت الحكم الاستعماري البريطاني ثم اكتسبت كينيا ولامو استقلالها السياسي عام ١٩٦٣م
وتواصل لامو التمتع بقدر من الحكم الذاتي المحلي.
وفى عام ٢٠١٠م ضمت لامو للتراث العالمي ضمن ١٢ موقعاً من جميع انحاء العالم للمحافظة على تراثها من التلاشي، وتعرضت لهجمات ارهابية لاختطاف الشباب وتجنيدهم لحركة الشباب الصومالية الجهادية،وعليه قامت الحكومة الكينية بتأمين لامو ورفعت وزارة الخارجية الأمريكية قيود السفر الموضوعة على لامو، ويوجد متحف فى لامو ومطار يربطها برحلات داخلية الى نيروبى. ويزور كثير من السياح جزية لامو وبها عدد من الفنادق.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،