أهل الحبشة وتاريخهم والإسلام

دكتور طارق عبد النبى محمد على -كاتب سوداني

الراصد الإثيوبي -أديس أبابا

الإثنين 3 أبريل 2023

طرز أهل الحبشة تاريخهم العريق بمٱثر ومناقب عظيمة بل نقشوها على صفحات الكتب وأمهات المراجع لكى لا يغيرها الزمن ولاتمحوها الذاكرة بل أضاءوا سيرتهم التاريخية بمصابيح وقناديل لاتطفئها رياح من يعبثون بالحقائق ومن يزيفون التاريخ .

لقد اصطفى الخالق عز وجل أهل الحبشة دون غيرهم من الشعوب للقيام بهذه المهام الصعبة ولتسطير هذا التاريخ لما يعلمه فيهم من فضائل الصفات وكرائم الخلال،ومامن إنسان تطأ قداماه أرض الحبشة إلا وتستعيد ذاكرته هذا التاريخ الناصع المرصع بكل جميل وطيب والذى يحكى تفاصيل قصة الهجرتين .

وماصدح به الصحابى الجليل بلال بن رباح فى فضاءات الإسلام الأولى،كما يسترجع الزائر لهذه البلاد شحنات العطف والحنان التى وجدها رسولنا الكريم من أمه الثانية أم أيمن بركة الحبشية .

ومن الزائرين من يحظى بزيارة قبر ومسجد الملك النجاشى ومراقد الصحابة رضوان الله عليهم فى مدينة مقلى،هذه المناقب تعد جزءا أصيلا من إرث وحضارة هذا الشعب العريق ،وقد أحسنت الدولة صنعا عندما سمت عددا من المساجد والمراكز الثقافية باسم الصحابى الجليل بلال بن رباح والملك النجاشى حتى يبقيا فى ذاكرة هذا الشعب ولكل زائر لهذه البلاد،وبلا أدنى شك تمثل الحبشة الحاضنة الأجتماعية والإنسانية الأولى للمسلمين فقد وجدوا فيها الأمن والأمان وكرم الوفادة والترحيب .

ومما يستحق التأمل إختيار رسولنا الكريم لهذه الأرض دون غيرها فقد كان بالإمكان أن يأمر أهله وأصحابه بالهجرة الى اليمن والشام لاسيما سهولة السفر والوصول إليهما،ولكن هنالك الكثير من الإسرار والحكم من وراء إختيار الحبشة أرضا للهجرتين،ومن أول هذه الأسرار شخصية الملك النجاشى الذى عرف بالعدل والصدق وغلبة الجانب الإنسانى عليه..

فقد وجه رسولنا الكريم أهله وأصحابه إليه قائلا لهم.( أذهبوا الى أرض الحبشة فإن بها ملكا لايظلم عنده أحد وهى أرض صدق ) وهذا الحديث الشريف يمثل قمة الإنصاف لاهل الحبشة..بل جاء القران الكريم مؤكدا على ذلك فى سورة ال عمران الأية رقم 199 .قال تعالى ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وماأنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لايشترون بأيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ) قال الإمام الطبرى وهو أحد أعلام المفسرين هذه الأية نزلت فى النجاشى..وأود فى هذه المقالات المتتابعة أن أبرز أسرار المحبة بين رسولنا الكريم وأصحمة بن أبجر..ولعل أول ما يشير إليها الرسائل المتبادلة بينهما.

والتى تحمل فى طياتها أدب الخطاب بينهما والذى ينم عن التقدير والأحترام..وحفظ كل طرف للاخر لمكانته الدينية والأجتماعية .بل يظهر ذلك فى إنتقاء المفردات والعبارات المناسبة وذلك عند دعوة رسولنا الكريم للنجاشى للدخول فى الأسلام ،والرد المؤدب عليها..وكذلك الرسائل المتبادلة بين فى كل مايخص المهاجرين..حقا هذه رسائل سلام ومودة ومحبة بينهما رغم أنهما لم يلتقيا أبدا..وبمشيئة المولى سأواصل فى مقال قادم..الكتابة عن أسرار المودة والمحبة مركزا على الهدايا التى بعثها الملك النجاشى لرسولنا الكريم……

،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،

.