ممالك السودان القديمه وأكسوم
ابراهيم شداد -إثيو-سودانى
الراصد الإثيوبي – تنزانيا
هنالك خلط واضح بين تاريخ الممالك الكوشية النوبية القديمة على النيل والتى تعود الى اكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ومملكة اكسوم الحبشية التى نشات لاحقا من هجين العرب العاربة من اليمن وبانتو القرن الافريقى والتى تعود الى حوالى الالف سنة قبل الميلاد.
وأكسوم لم تخترع لغة الجيز (القيز) فهى لغة العرب العاربة من جيزان او جيعزان (قيسان) وكتبت بخط المسند العربى القديم وقد تبنتها سلالة الهجين الافروعرب (الاحباش) الحاكمة لاكسوم مع تعديلات ومفردات وتطور محلى.
ونسخه مشابه من هذه اللغة حية موجودة عند قبيلة المهرا (المحرا او امحرا نسبة الى حمير) فى اليمن وجنوب شرق مملكة آل سعود حاليا.
مملكة أكسوم عرفت باليمن الاقصى ونشأت كامتداد لمملكة سبأ اليمن الادنى للحميريين، وورثت المملكة السبئية بشقيها اليمنى والاكسومى على طرق التجارة البرية والبحرية فى المحيط الهندى والبحر الاحمر (بحر القلزم) من البطالسة الاغاريق.
وكانت أكسوم مركزا تجاريا لتجميع وتصدير ثروات المنتوجات الحبشية من مصادر زراعية وغابية بخور واخشاب وحيوانية مستانسه ووحشيه ومعدنية وبخاصة الذهب المعدن من مناجم حزام عدولا فى قيسان (جيزان) التى ضمن الحدود الحالية للسودان،وازدهرت عدة مراسي بحرية للتصدير وهى مرسي عدولا (عدوليس) جنوب مصوع الحاليه ومرسى ترنكتات ومرسي عدولا او سواكن عجوز وهو مرسي ابورمادا الحالى فى مثلث حلائب المتنازع عليه حاليا ما بين مصر والسودان ومرسي راس بناس.
وتبنت مملكة اكسوم مثل سبأ المملكة الأم ثقافاتها وديانة عبادة الشمس والكواكب وشيدت معابد بعض اثارها باقية فى يحا،وكذلك شيدت أكسوم سد ميراب (تيمنا بسد مأرب) على اعالى الاتبراوى ونحتت المسلات الصخرية الضخمة للاضرحة والقبور فى حاضرتها مدينة اكسوم على طراز المعمار اليمنى كصور طوابق لمنازل حجرية بعضها فوق بعض. ومن زيارتى المتعددة لمسلات اكسوم اعتقد ان من بينها ضريح لقمان الحكيم الحبشي ويحتاج الامر منى الى مزيد من البحث والتقصى للتأكد مما ذهبت اليه.
ثم تبعت أكسوم مملكة سبأ الأم فى تحولها الى الديانة اليهودية باتخاذ سيدنا الملك سليمان بن دادود عليهما السلام بلقيس (ماكدا) ملكة سبأ احد زوجاته والتى يذكر القرآن الكريم انهن قد بلغن المائة،وبحسب المصادر الاثيوبية فى كتاب مجد الملوك (كبرا نقست) ان بلقيس ولدت ابنا من سيدنا سليمان الذى سماه منى اليك (منليك) بمعنى ابننا من بعض والذى نصبته امه بلقيس ملكا على أكسوم.
ولما شب عن الطوق منليك الاول زار والده سيدنا سليمان محملا بالهدايا ورجع بتابوت العهد فيه الواح مرمر نقش فيها سيدنا موسى وصايا الرب لما تجلى له فى طور (جبل) سيناء.
ومن منليك الاول تسلسل ملوك السلسلة السيليمانية على عرش أكسوم، وبتنصر الملك ابرها (ابراهيم) على يد المبشر الشامى فيرمنتوس، اتخذ ابرهه لقبا مسيحيا وهو عيسانا وينطق محرفا عيزانا بمعنى اليسوعى، ثم غزا عيزانا مملكة مروى باهلها النوبه الزرق (نوبيين النيل) والنوبه الحمر (البجا) بعد ان كثرت غاراتهم على اطراف أكسوم لقطع طرق القوافل التجارية والسرقة والنهب،وحولت مملكة أكسوم المسيحية على يد عيزانا مملكة مروى من تأليه الفراعنه والاصنام الى المسيحية على مذهب اليعاقبة الارثودكس أسوة باهل الشام وقبط مصر.
وترك عيزانا بعضا من جنوده التقرى فى حاميات ليضمن عدم تمرد وارتداد النوبيين حديثى العهد بالمسيحية، وبذلك يظهر التأثير الاكسومى فى جداريات اللوحات المسيحية فى كنيسة فرس ورسم ونحت الصلبان والفخار المكتشف فى بقايا الكنائس المشيدة غالبا من الطوب اللادن وخاصة ما وجدته فى حطام كنيسة بالضفة الغربية ما بين قرية الباقير والشريك فى ارض الرباطاب.
وشيد ملوك اكسوم فى عهدها المسيحى طريق الحج المسيحى الى بيت المقدس عبر ساحل البحر الاحمر الى راس بناس ودير سيناء.
وشاهدت عدة طوابى اكسومية صخرية مصمته
كعلامات مراحل على الجزء السودانى من هذا الطريق ابتداءا من التقاء خورى قمروتا وسيماب بجنوب البحر الاحمر ومرورا بسواكن ومحمد قول ومرسي اوسيف وحلائب، واغدق ملوك اكسوم المسيحيون الهديا والتى تظهر فى رواق اكسوم فى بيت المقدس.
وارتبطت أكسوم بمصر القبطية التى دآبت على تعيين مطرانا قبطيا لكنيسة أكسوم حتى اوقف هيلاسلاسي هذا التعيين واستبدله بمطران اثيوبى لتعاون آخر مطران قبطى مع الجيش الايطالى فى غزوه الثانى للحبشه، وتقام بعض الصلوات والاقداس باللغة القبطية وجلبت أكسوم من راعيتها الكنيسة القبطية بالاسكندرية الحرفيين المهره لتشييد الكنائس المنحوته فى الصخر فى لاليبيلا، والتى اتخذتها أكسوم بديلا مؤقتا للحج الى بيت المقدس خلال وقوعه تحت سيطرة الايوبيين فى القرون الوسطى.
ويحمل بعض ملوك اكسوم أسماء عربية عاربه مع تحريف النطق مثل الملك كالب وهو غالب الذى ارسل جيشه بقيادة أرياط ثم أبره الاشرم لغزو اليمن وانقاذ نصارى نجران اصحاب الاخدود الذين عذبهم واحرقهم يهود اليمن.
ومن البديهى حصول امتزاج عرقى واجتماعى وثقافى ما بين حبش جنود حاميات عيزانا والنوبيين من حولهم على النيل.
فاختلط جنوده التقرى بالنوبيين وظهر هجين اثيونوبى ضمن نسب اجداد الشوائقه والرباطاب والجعليين والمحس، وبعض عادات وسلوكيات وثقافات الحبش التقرى متشابه ومشتركه مع قبائل الشماليه على النيل كحب شرب العرقى ( اصل الكلمه اثيوبى) والرقص والشلوخ وحب فلاحة الارض والعسكريه.
وهنالك مسميات اثوبية لاماكن باقية حتى اليوم مثال قرية انجيره بارض الرباطاب وعنيبس ( تصغير الاسد فى لغة الاثيوبيين) ومقرات بمعنى المقص فى لغة الاثيوبيين وجزيرة مقرات تشبه جيموفرولجيا شكل المقص.
وفى هذا الصدد انقل ما كتبه لى
السيد/ احمد عثمان احمد فى قروب واتساب مشترك بيننا (في ندوة قدمها فراج الطيب بمدينة الدامر في ثمانينيات القرن الماضي ذكر ان بعض الجعليين من اصول إثيوبية مما اثار غضب الجعليين وخرج فراج بأعجوبة من براثن الجعليين، ثم اتوا في خلال إسبوع بالعلامة عبد الله الطيب لنفي ما قالة فراج الطيب لكن البروف ذكر ان مملكة اكسوم كانت تتجه صيفا نحو النيل لسقاية الانعام وفي طريق العودة يتخلف البعض ليستقر في المنطقة النيلية.
وهنالك بطون من الجعليين ترجع اصولهم للحبش منهم قبيلة الحماسين المتمركزة في منطقة التميد، وكذلك هنالك كثير من اسامي القري من اصول حبشية كقرية العكد التي تشتهر بشجر الدوم ويقال ان الدوم في لغة الحبش القديمه يسمي العكد، ايضا يلاحظ ان غناء السيره و الدلوكه في اغاني الجعليين يتسم او يكاد يطابق نقارة الحبش)…
وفى العهد الاسلامى اختلطت قبائل شمال السودان بالعرب المهاجرين وظهر هجين افروعربى ينكرون اصولهم النوبيه السابقه، واعتقد ان الجعليين النافعاب اصولهم اشراف جبرته هاجروا من ارتريا (جزء من الحبش).
وديم القراى على الارجح نسبة الى القراى مهاجر من جبرته الحبش والقراى هو الاعسر الاشولنجى فى لغة الحبش والصوماليين،وقد هاجر بعض الحبش الجبرته واستقروا فى المنطقة واختلطوا بها خلال الحروبات الاهلية الداميه بين النصارى والمسلمين الاحباش فى القرون الوسطى وكذلك قبل وخلال حروبات المهديه.
بالاضافة الى اتخاذ قبائل السودان الشماليه سرارى من النساء المجلوبات من الحبشة (التسرى نوع من انواع الزواج فى الاسلام) وكن المفضلات لما ذكره عنهن الرحاله الان مورهيد فى كتابه النيل الازرق ان اجسامهن دافئة فى الشتاء وباردة فى الصيف .
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،