أنور إبراهيم أحمد -كاتب إثيوبي
الراصد الإثيوبي – أديس أبابا
ظل المجتمع الإثيوبي محافظا لعاداته وتقاليده لفترات طويلة ، علي الرغم من التواصل والتداخل مع المجتمعات الأخري ، والتي كانت نتيجة للتصاهر والهجرات المختلفة ،فكانت هنالك أساليب خاصة لممارسة بعض الاحتفالات ولقاءات الشباب والحب في الزمن الجميل ، أذ كان العشاق يلتقون في الريف عبر أسواق الأحد والسبت، المنتشرة في كافة بقاع البلاد قري ومدن .
وكانت الفتاة تخرج من البيت للقاء حبيبها في احدي الطرقات الي تلك الأسواق ، وهي أسواق كتب فيها الشعر المحلي لأهمية المناسبة والتوقيت للقاء الأحبة ،وكان العاشق الولهان ينتظر أسبوعا أو اكتر، حتي يجد محبوبته وتبحث الفتاة علي سببا للخروج للقائه وهي مع صديقاتها ، وغالبا ماتجده متكئا علي عصاه و يصقل أسنانه بقضيبا من مسواك أراك .
وهناك مواقع كان الشباب ينتظرون محبوباتهم فيه ، وهي برك المياه ، عندما تحضر الفتيات لورد المياه من الينابيع والبحيرات ، وقد تجدهن يحملن الجرار والأواني الخاصة بنقل المياه من البحيرات والأنهار والينابيع الي المناطق السكنية ،والشاب تجده ملطخا بطين المزراع والأرض ،وعلي الرغم من ثقل الحمل الإ أن الجميع ينسي التعب والأرهاق في تلك اللحظة ونظرات الشباب والحلم بغد أجمل .
فكان المجتمع الريفي أكثر تشددا ،ولا يسح للفتاة بالخروج لوحدها الإ برقة اخواتها او قريباتها ، ولأسباب عدة منها التسوق أو أحضار المياه أو بيع بعض المنتجات الخاصة التي تنتجها الأسرة ، وغاليا ماتكون تلك الأسباب وغيرها ، سببا للخروج من البيت وملاقاة الأحبة ، وكثير من الشعر الإثيوبي عن العشق والحب كتب في تلك المواقع من قبل كبار الشعراء ،حول رؤية الفتاة في أحدي أسواق السبت في الأحياء والقري ، وهي متزينة “وتمشي علي عجل ” ، وكانت لحظات الأنتظار لرؤيتها مرة أخري ،ومابين تصوير المشهد واللقاء كانت أجمل الكلمات التي تغني بها فنانينا القدماء ،وذلك عندما غني ملك الموسيقي طلاهوون قيسيسي أغنية ” فلقي أسفلقي “وهو يقوم بجولة في كل أحياء مدينة أديس أبابا للبحث عن الفتاة الي أحبها ، ولم يترك موقع والإ سال عنها فيها ، وهنا يتجلي مشهد الأغنية وكلماتها ، عندما يذكر كلمات و أسماء الأحياء والمناطق التي كانت في تلك الفترة في أديس أبابا .
لم يكن الشباب ينتظرون فالنتاين الغرب أو عيد حبهم حتي يقدم الحبيب لمحبوته زهرة أو هدية ، فكانت التلقائية والعفوية هي تقديم بعض الهدايا العينية البسيطة من منتجات الطبيعة المحلية ، ولم تكن الزهور تباع بطل تقطف من أقرب حقل او جدول علي الطريق ، وأحيانا يتم وضعها في منطقة ما ،وتعرف الفتاة كيف تجدها حتي لأيراها صديقاتها وهي تحمل الهدية أو تتسلم من الشاب ، خجلا وحياءا وهي من الصور المعروفة في المجتمعات المحلية ، وفي الأخر قد لأيتزوجا بعضهم البعض بسبب العادات والتقاليد ، وتظل ذكريات مثلها مثل بقية القصص التي يحيكها كبار السن عن تجارب الماضي والحب والهوي .
وشعرنا الشعبي وغنائنا مليئ بمثل تلك التعابير والمفأجات والتي تصف كيفية التلاقي والحب في أزمان مضت ، ومناسباتنا التي كانت سببا للقاء الحبيب ، أذ لم يكن أحد ينتظر أيا من مناسبات هذه الأيام المستحدثة ليكون سببا لتقديم زهرة محلية النمو أو أيا من ثمار الهضبة الطاعمة التي تنبت علي فيافي الأرياف الإثيوبية .