الاتفاق الإطارى بين الرفض و القبول
معتز بركات- صحفي سوداني
الراصد الإثيوبي – السودان
الثلاثاء 24 يناير 2023
انعش الاتفاق الإطاري الموقع بين قوى سياسية غالبها ينتمي إلى الحرية و التغيير المجلس المركزي والمكون العسكري، انعش الآمال في الخروج من المأزق والأزمة الخانقة التي تتصدر المشهد السياسي في السودان و من ثم مواصلة العمل و السير إلى الأمام في إنجاز مشروعي التحول الديمقراطي، والانتقال المدني باعتبارها أهم مطالب ثورة ديسمبر لجهة أن معظم مشاكل السودان منذ استقلاله قبل 67 عاما تكمن في التدخل العسكري في الشأن السياسي الأمر الذي أدى إلى وجود ثلاثة حكومات عسكرية تولت السلطة في حقب مختلفة الأولى بقيادة الفريق إبراهيم عبود 1958_1964 والحكومة الثانية برئاسة المشير جعفر نميري 1969_1985ثم الحكومة الثالثة بقيادة المشير عمر البشير الذي حكم البلاد من 1989_2019.
الملاحظ و الجدير بالذكر هنا و المثير للدهشة و الاستغراب أيضاً أن الأنظمة العسكرية الثلاثة وصلت إلى سدة الحكم بدعم أحزاب سياسية كبيرة (حزب الأمة، الحزب الشيوعي، الجبهة الإسلامية )، و لذلك يرى كثير من العسكريين أن تدخل الجيش في السياسة و الحكم يأتي دائما بطلب من الشعب و الأحزاب بعد تفاقم الأحوال و انتشار الفوضى في البلاد على امتداد الفترات الديمقراطية الثلاثة التي حكمت فيها أحزاب سياسية السودان عقب انتخابات عامة حرة إلا أن هشاشة هذه الأحزاب و ضعفها وعدم قدرتها على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي و الأمني كان دائما هو المبرر لتدخل العسكر كما ذكرنا سابقا.
عقب نجاح ثورة ديسمبر في إسقاط نظام الإنقاذ و جدت الأحزاب والقوى السياسية في السودان نفسها في مواجهة قضايا وتحديات لم تستعد للتصدي لها لذلك عملت بشدة خلاف الفترات السابقة إلى إطالة الفترة الانتقالية إلى اكبر مدى ممكن ريثما تلتقط أنفاسها وتهيئ عضويتها لغمار خوض الانتخابات خصوصا بعد الضعف الشديد الذي أصابها أثناء حكم الإنقاذ الذي اتهمته بالعمل على تفتيتها وتمزيقها.
أربعة سنوات صعبة للغاية مرت حتى الآن منذ أن غادر الرئيس الأسبق عمر البشير الحكم شهدت البلاد فيها حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار في كل شيء و في مقدمة ذلك فشل و عدم قدرة الحرية و التغيير إدارة البلاد وكان التشاكس بينها و شريكها المكون العسكري سيد الموقف أربعة سنوات عجاف جرت خلالها مياه كثيرة تحت الجسر حتى جاءت قرارات ال25 من أكتوبر التي أسماها المكون العسكري قرارات تصحيحه لمسار الثورة فيما عدها المجلس المركزي للحرية و التغيير انقلابا عسكريا و دعا الشارع لمناهضته.
الاتفاق الإطاري الذى وجد رفضاً منقطع النظير من الكتلة الديمقراطية (الحرية والتغيير التوافق الوطني سابقا) ومبادرة نداء أهل السودان و الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي أعلن نائب رئيس الحزب جعفر الميرغنى عن رفضه للاتفاق الإطاري لأنه به إقصاء وإنتقاء لمجموعات سياسية، كما أنه لم يهتم بما يريده الشعب السودانى وتسبب فى تضارب فى وجهات النظر ، مطالباً بمشاركة كل القوى السياسية فى الاتفاق. دكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساوة السودانية يعلن من نيالا بجنوب دارفور تاكيده على رفض الاتفاق الاطارى الذى تمت صناعته داخل الغرف المغلقة لتسيس القضاء من قبل فئة سرقت الثورة تريد ان تجعل السلطة فى يد افراد لا علاقة لهم ولا إسهام لهم فى التغيير الذى شهدته البلاد.
الاتفاق الإطاري الذى يرى كثيرون انه ادخل البلاد في نفق مظلم لأنه اشتمل على عدد من النقاط التي أثارت جدلا واسعا بين داعمي و رافضي الاتفاق مثل تنفيذ اتفاق سلام جوبا مع تقييمه وتقويمه الأمر الذي قابله قيادة الحركات ألموقعة عليه بالرفض التام، كذلك مستقبل تفكيك نظام 30 يونيو الذي اختطف الدولة ومؤسساتها و الالتزام بحل أزمة الشرق بما يحقق السلام والمشاركة في السلطة والثروة والتنمية، و دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية وفق جدول زمني محدد إلى جانب، تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وصولا لجيش مهني و تبعية قوات الدعم السريع للقوات المسلحة ويحدد القانون أهدافها ومهامها و اختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق الإطاري.
تتخذ القوات المسلحة عقيدة تلتزم بالقانون والدستور وتقر بالنظام الديمقراطي و يحظر تشكيل مليشيات عسكرية أو شبه عسكرية في البلاد، قوات الشرطة نظامية وفيدرالية تعمل على إنفاذ القانون وتختص بحماية المواطن و يحظر إنشاء وحدات شرطية خاصة أو وحدات تحد من الحريات العامة و إدارة الدولة و يعين رئيس الوزراء المدير العام لجهاز المخابرات ونوابه تتخذ الحكومة الانتقالية الإجراءات اللازمة لإصلاح وتحديث المخابرات العامة و قصر مهمتها على جمع المعلومات وليس لها سلطة الدولة.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،