الحبشة متحف الاديان
ابراهيم شداد -إثيو-سودانى
الراصد الإثيوبي -تنزانيا
الخميس 12 يناير 2023
أرض الرحمن فى الحبشة (اثيوبيا وارتريا والصومال) أرض صدق لتعاقب الاديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام عليها.
فبلاد الحبشة تجذر فيها التدين والتروحن على أقل تقدير قبل القرن ١١ ق.م ومنذ ان نشات مملكة أكسوم الحبشية امتدادا للمالك السبئية من اليمن. وكانت ديانة سبأ واكسوم أرفع الديانات الوثنية وهى عبادة الكواكب والاجرام السماويه ومواقع النجوم لما لمسه أهل اليمن القديم وأكسوم من تأثيراتها فى الكون (فلا اقسم بمواقع النجوم (٧٥) وانه لقسم لو تعلمون عظيم (٧٦) من سورة الواقعة.
ثم تحولت مملكة سبأ فى اليمن الادنى وامتدادها مملكة أكسوم فى حبشة اليمن الأقصى الى الديانة اليهودية فى القرن 10 ق.م بزيارة الملكة بلقيس ملكة سبأ لسيدنا سليمان عليه السلام فى بيت المقدس ثم زواجها منه حسب الميثولوجيا الحبشية فى كتابهم مجد الملوك الاكسوميين (كبرا نقست).
وفي عام ٣٢٥م سبقت مملكة أكسوم بتنصرها مملكة سبأ والتى ظلت على اليهودية. وأصبحت المسيحية الارثودكسية الديانة الرسمية لمملكة أكسوم على يد المبشر فيرمنتوس الفينيقى السرياني وفى عهد الملك أبرهة والذى تنصر وأتخذ أسما مسيحيا وهو عيسانا بمعنى اليسوعى وحرف نطقا الى عيزانا. ومملكة أكسوم تعتبر من أوائل ممالك العالم القديم التي تحولت إلى المسيحية قبل ٢٢ عاما من تحول الامبراطورية الرومانية الى المسيحية الكاثوليكية فى عام ٣٤٧م فى عهد الامبراطور قسطنطين.
ثم غزا عيزانا مملكة مروى النوبية وحولها من تأليه الفراعنة الى المسيحية فى عام ٣٥٠م، أى بعد ثلاثة سنوات فقط من تنصر الامبراطورية الرومانية. وهذا من فضل الحبشان على السودان.
وفى عام ٥٢٥م وخلال عهد الملك غالب (كالب) الاكسومى غزا الاحباش اليمن نصرة للنصارى من اضطهاد يهود اليمن بقيادة ذى نواس الحميرى. الآيات من سورة البروج (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10).
وحكم الاكسوميون الاحباش بقيادة أرياط ثم أبرهة اليمن حتى عام ٥٩٩م الى ان أجلاءهم عنها سيف بن ذى يزن بمساعدة الفرس المجوس.
ثم دخل الاسلام بالهجرة الاولى للصحابة وبأمر من الرسول ﷺ الى أكسوم بالحبشة فى عام ٦١٥م وسبق ب ٧ سنوات من هجرة الرسول ﷺ الى المدينة فى عام ٦٢٢م.
وفى عام ١٥٠٤م سقطت مملكة علوة المسيحية وعاصمتها سوبا بيد تحالف الفونج بقيادة عماره دنقس (أمارا نقس) وهم على الارجح احباش مسلمون من نسل بنى أميه مع عبدالله جماع القاسمى الجهينى، والذى جمع تحت قيادته القبائل العربية التى هاجرت الى السودان. ونشأت سلطنة سنار الاسلامية كامتداد لامارات الطراز الاسلامى فى الحبشة.
وبسقوط سلطنة سنار فى عام ١٨٢١م على يد التركية السابقة ازدهرت مملكة جما الاسلامية والتى نشأت منذ ١٧٢٤م فى جنوب غرب الحبشة. واصبحت منارة لنشر الاسلام الصوفى وملاذا لمسلمى الحبشة المضطهدين وخاصة خلال عهد الامبراطور يوهانس الى ان قتلته جيوش المهدية. واستمرت مملكة جما فى رسالتها الاسلامية بتشييد رباط للحجاج الاحباش فى العتيبه بمكة ورواق الجبرته لطلاب العلم الاحباش فى الازهر الشريف الى ان سقطت بضمها الى عرش الحبشة تحت تاج الامبراطور هيلاسلاسي فى عام ١٩٣٢م.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،
