زيارة محضرة الشيخ الشونكى للتصوف الاسلامى فى قرية الشونكى بجنوب شرق مدينة خميسى
ابراهيم شداد -إثيو-سودانى
الراصد الإثيوبي – تنزانيا
الخميس 22 ديسمبر 20222
تبعد قرية الشونكى ٢٥ كيلومتر بالسيارة فى اتجاه الجنوب الشرقى من مدينة خميسى، الطريق اليها غير مسفلت ووعر عبر هضاب جبلية عالية ولم اجد وسيلة نقل اليها ذهابا وإيابا سوى الركوب على ظهر دفار اسيزو مع بعض القرويين بحوائجهم من والى سوق مدينة خميسى.
وتكرر توقف دفار الاسيزو فى الطريق لإنزال البعض ونقل اخرين مصحوبين بحزم ركايز شجر ألبان وطاريات أشجار اخرى وشوالات فحم وأغنام للسوق، فكان الامر أشبه بسفينة نوح تموج بأصناف من البشر والحيوان والحوائج، لقد كانت تجربة ثرة استمتعت بها واسعفنى فى ذلك خلفية مهنتى كجيلوجى خلاء عان ما عان معايشا هوام الارض فى تخوم وانجاد وخيران السودان العريض. بعد ان صلينا العصر سلك بنا دفار الاسيزو طريقا وعرا يتلوى صعودا ونزولا حول خواصر الجبال والهضاب والأخاديد السحيقة فترى بعض قطاطى القرويين والنسور المحلقة فوقها صغيرة فى الأسفل فتحس بالمتعة والزهو كأنك وصلت الى سقف العالم.
وبعد مغيب شمس ذلك اليوم وصلنا الى قرية الشونكى ولم يتبق من المسافرين الا شخصى الغريب وبنت فى مقتبل العمر وحفنة من الرجال سرعان ما تفرقوا فى اتجاهات مختلفة وابتلعهم الظلام.
فسالت تلكم البنية بما أعرفة من الامهرية المكسرة كيف لى بالوصول الى مسجد الشيخ الشونكى؟ فتبسمت وضاءة وردت أبشر، أسمى زينب وانا من اهل الشيخ اتبعنى اوصلك اليه.
تخيلوا سادتى: مدى ابتهاجى وقد حسبت ذلك عونا من الله الكريم لى فى ذلك الظلام والبقعة المجهلولة لى، حملت حقيبة ترحالى على ظهرى وتبعتها فى صمت وانا أسبح الله فى سرى، ولدهشتى عرضت على ان تحمل عنى حقيبتى فابيت ان اكلف صبية فى ريعان الشباب هم ذلك فيكفيها ما تحمله فى كتفها، فتحركت تلك الروح الشابة امامى وقادتنى فى دوداب شعب جبلى وهى توجه مصباحها اليدوى الصغير من خلفها لتنير خطواتى فى ذلك الدرب الجبلى.
فما كان منى الا ان طلبت منها إعطائى المصباح فاصبحت انير دربنا وهى تسرع الخطا وتقفز بين الفينة والاخرى كجدية الغزال فوق بعض الجلاميد فى ذلك الشعب وانا الحث متابعا لها، وبعد برهة من الزمان توقفت بى امام باب زنك لجدار حجرى وطرقت الباب حتى سمعنا صوتا من خلف الباب مستفسرا فردت زينب، وقدمتنى الى من فتح الباب ثم استاذنت وانصرفت ليبتلعها الظلام فى بقية طريقها.
فى حضرة الشيخ كمال عرب بن الشيخ محمد عرب بن الشيخ محمد شيخ بن الشيخ الاكبر جوهر الشونكى
ادخلنى المقدم الذى استقبلنى الى قطية الضيافة حيث مجلس الشيخ كمال عربو والذى كان غير موجودا فيها،وبعد السلام والترحيب عرفت المقدم باسمى وزيارتى فى الله للتبرك والعرفه فردد المقدم أبشر أبشر وخرج يطلب الشيخ، ثم حضر الشيخ كمال عرب متهللا وتعانقنا وهو يكرر كلمات الترحيب وقائلا عجبا .. عجبا.
فعرفته باننى سمانى الطريقة والمشرب ونسبى فى الطريق هو العبد المقصر ابراهيم بن شداد عن الشيخ ابراهيم الشنقيطى عن الشيخ قريب الله ابى صالح عن الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم عن الشيخ امين السر القرشى ود الزين عن الشيخ والقطب احمد الطيب بن البشير.
فتغيرت حالة الشيخ كمال عربو وجلس بعد ان كان متكئا وقال لى انت من احفاد شمس المغرب الشيخ السافلى احمد الطيب بن البشير؟ فرديت لا انا منسوب اليه وتلميذ تلامذته،فازداد الشيخ كمال عربو ترحيبا وجيء بالطعام والشراب وبعد تناولى له قال لى الشيخ استرح ونم فى فراشى هذا وولدى الكبير محمد شيخ هذا يرافقك فى المبيت وانا اذهب للمبيت بداخل البيت وغدا ان شاء نتحدث ونزورك المقامات والمسجد والخلوة.
فاستحيت تأدبا ان أنام فى فراش الشيخ واخرجت حقيبة نومى sleeping bag وغطاءى وبعد صلاتى للمغرب مع العشاء رحت فى سبات نوم عميق من تعب خج سفر ظهر دفار الاسيزو.
اصبح صبح اليوم التالى وتلك الهضيبة الجبلية يتردد فيها تناغم اصوات الديكة والقمارى وخوار الأبقار مع تراتيل الأطفال للقران. وجاء الشيخ كمال عربو وحضر الطعام (القرص) من كسرة عيش الريف الرائعة المذاق مع ادام طحين الفاصوليا (الشرو) وقطع اللحم. ودارت فناجين البن وأكواب الشاى بالقرنفل.
الشيخ جوهر بن حيدر بن على ذى المفخر الشونكى
احد مفاخر اثيوبيا وهو الامام الكبير والشيخ الجليل والعالم الفقيه الذى طالت شهرته آفاق الحبشة وحـمل فيها لواء العلم والعمل والزهد والورع والخوف والإنـابة، وهو رضى الله عنه من أعلام التصوف الاسلامى فقد اخذ عهد الطريقة القادرية على الشيخ شهاب الدين الدانى الاول تلميذ الشيخ جمال الدين الانى، واخذ الطريقة السمانية القادرية على يد الشيخ سيد بشرى القتوى تلميذ القطب احمد الطيب بن البشير، ثم زاره فى شونكى الشيخ حسين بن عبدالواحد بن القطب احمد الطيب بن البشير وأعطاه مزيدا من الأوراد والتأييد فى الطريقة الطيبية السمانية.
نسبه
ولد الشيخ جوهر الشونكى رضى الله عنه فى حوالى عام ١٨٤٩م من بيت دينى كبير ومشهور،وعاش الشيخ ١٠٦ سنة وتوفى فى عام ١٩٥٥م (١٣٥٥ه)، جده الشيخ على ذى المفخر من ذرية العباس رضى الله عنه عم نبينا ﷺ، وانجب الجد على ذى المفخر تسعة من الذرية الصالحين هم الشيخ امان الغسرى والحاج يسن والشيخ ابو هريرة والشيخ جبريل والشيخ محمد (الذى انجب المشايخ الثلاثة فتاوراء واحمد وعمر) والشيخ مرسلا والشيخ فارس والسيدة أشراقه والشيخ حيدر ،الذى انجب الشيخ جوهر وهو انجب بدوره الشيخ محمد سلطان والشيخ محمد كمال والسيدة زينب والسيدة مزينة والشيخ محمد شيخ والذى انجب بدوره الشيخ محمد عرب وهو بدوره انجب السيدة طالعة والسيدة مرضية والخليفة الحالى الشيخ كمال عرب.
مؤلفات الشيخ جوهر الشونكى
أمضى الشيخ جوهر الشونكى من عمره المديد ٧٠ عاما فى التدريس، رحل أئمة الحبشة اليه للأخذ والإفادة منه وقدم عليه الناس ركبانا وراجلين وضربت اليه أكباد الرواحل للانتفاع بعلمه وبركته وأخذ طريق القوم القادرية السمانية على يده، إنتهت اليه رئاسة عموم الحبشة في المذهب الشـافعي، ونبغ فى العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية وبلغ فيها شأناً كبيرا وله حوالى ١٠٠ مؤلف فى التوحيد واللغة والمنظومات والمولد منها:-
* خالصة وصالحة الاقوال لحل ألفاظ ناصحة الأطفال، لكاتبها وجامعها جوهر بن حيدر الشونكى ومخطوطة الكتاب موجودة بخط يده.
* كتاب منظومة المولد الشريف والذى ألفه ما بين المغرب والعشاء من ٦٣ بيتا بعدد عمر النبى ﷺ.
* كتاب ميعة المولد شمس المدينة فى ١٠٢ صفحة وقدمه بارجوزة من ١٢١ بيت ومطلعها:
مفتاح الوجود ……………… قائد الجنود
حبيب الودود ……………… سبب الوجود
يا صاحب الجود…………….. ملنا اليكم
* كتاب مختصر الحلية واصلها كتاب حلية السامعين فى ذكر شي من اخبار سيد الشافعين.، وضمنها داليته:
صلى وسلم على الممجد،، والال ثم الصحب المشيد.
* قصيدته فى مدح النبى ﷺ مرحباً مرحباً يا سيدى وقد بدأها بالعينية ٨٥ بيت ثم ختمها باللامية ٤٨ بيت.
* قصيدته الدالية ١٥ بيت ثم أعقبها بنثر ودالية اخرى من ١٣ بيت ثم نونية ٤ ابيات وختمها بهائية.
* كتاب أوراد ومجموعة قصائد.
* كتاب في الفقه بعنوان (عناية الطالبين).
* الصلوات النورانية على خير البريـة.
* الجواهـر الحيدريـة في العقائـد الدينية.
اول خلفاء الشيخ جوهر الشونكى هو الشيخ محمد عرب الذى توفى فى عام ٢٠٠٧م عن عمر ناهز ٨٧ سنة، وخلفه ابنه الشيخ كمال عربو الذى يبلغ من العمر الان ٧٠ عاما وقد انجب من زوجته فاطمة أبنائهم محمد شيخ وحيدر واحمد وزينب وأسماء ويحى.
والمنطقة ضمن حدود إمارة ايفات الاسلامية التاريخية فى هذه المنطقة من اثيوبيا. وسأكتب بالتفصيل عن الشيخ الشونكى ( نسبة الى قريته شونكى) فى كتابى قيد البحث والجمع والتدقيق والذى اسميته طبقات المشايخ والعلماء والأعيان فى ارض الرحمن بالحبشة تيمنا بكتاب ود ضيف الله.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،