حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية
معتز بركات – صحفي سوداني
الراصد الإثيوبي – السودان
الجمعة 16 ديسمبر 2022
هناك حاجة ملحة وضرورية لللخروج بصيغة توافقية تحقق معادلة الحرية من جانب والمسؤولية الوطنية من جانب آخر.
أن أهم ما يميز حقوق الإنسان أنها مفهوم نسبي،تختلف النظرة إليه باختلاف الثقافات والأديان والعادات وفلسفات الشعوب،كما أن العالم ينقسم إلى رأسمالي غربي،و اشتراكي وثالث نامي وبطبيعة الحال كل نظام من هذه الأقسام والأنظمة يتميز بمفهومه الخاص للحقوق والحريات،وهو ما يفسر أحجام العديد من الدول على سبيل المثال من التوقيع والمصادقة على العديد من المواثيق والعهود الدولية في حقوق الإنسان،كما أن تعدد واختلاف الأنظمة السياسية العالمية جعلها تنظر بشكل متفاوت ومختلف.
الجدير بالملاحظة أن جميع المواثيق الدولية أكدت أن العلاقة بين الحرية والمسؤولية، وبين الحقوق والواجبات،علاقة متلازمة لا انفصام لها،ويظهر أهمية تلك العلاقة في المجال الإعلامي والصحفي الذي تضمنته المواثيق الدولية ضمن حقوق الإنسان لجهة تأثيره على المجتمع .
المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكدت أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير،ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل،واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية . إلا أن المادة (29) من ذات الإعلان في الفقرة 1و2 قيدت ذلك الحق إذا تقول الفقرة 1 / على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن نمو نمواً كاملاً.2/يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك التي يقررها القانون فقط ،لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تم اعتماده وعرضه للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 وكان تاريخ بدء النفاذ في 23 مارس 1976،وفقاً لأحكام المادة 49 . وقد تطرق هذا الميثاق على حرية التعبير في المادة 19 من الميثاق حيث جاء،لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة .لكل إنسان حق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود،سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة . وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية :أ/ لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم ، ب/ لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .
وجاء في الميثاق الإفريقي لحقوق والشعوب الباب الأول المادة 9 الفقرة 1/ من حق كل فرد أن يحصل على المعلومات 2/ يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها قي إطار القوانين واللوائح .
أما المادة 10 حرية التعبير من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحرية الأساسية فقد نصت أن لكل شخص الحق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حرية الرأي، وحرية تلقي المعلومات والأفكار وإذاعتها من دون تدخل السلطات العامة ومن دون التقيد بالحدود الجغرافية .ولا تمنع هذه المادة الدول من إخضاع نشاط مؤسسات الإذاعة أو السينما أو التلفزة لطلبات الترخيص.. بل أن الفقرة 2 أكدت أنه يجوز إخضاع ممارسة هذه الحريات التي تتطلب واجبات ومسؤوليات لبعض الشكليات أو الشروط أو التقييدات أو المخلفات التي يحددها القانون،والتي تعد في مجتمع ديمقراطي تدابير ضرورية لحفظ سلامة الوطن وأراضيه،والأمن العام وحماية النظام،ومنع الجريمة،وحماية الصحة والأخلاق،وحماية حقوق الآخرين وسمعتهم،وذلك لمنع إفشاء المعلومات السرية،أو ضمان سلطة الهيئة القضائية ونزاهتها.
وفي ذات المنحنى نصت المادة 4 من الإعلان الأمريكي لحقوق و واجبات الإنسان على الحق في حرية البحث والرأي والتعبير إلا إنها جعلت لذلك نطاق وقيدت حقوق الإنسان بحقوق الآخرين،وأمن الكافة، ومتطلبات الصالح العام،وتعزيز الديمقراطية بل أن المادة 35 من الإعلان الأمريكي نصت صراحة على أن من واجب كل شخص التعاون مع الدولة والمجتمع فيما يتعلق بالسلام الاجتماعي والصالح العام وفقاً لقدرته وطبقاً للظروف القائمة.
وضمنت المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية.
إلا أنه جعل ممارسة هذه الحقوق في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
اشتملت إعلانات ومواثيق حقوق الإنسان على جملة من المبادئ وخاصة القيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن يلتزم الإعلام بها أثناء تغطيته لقضايا حقوق الإنسان توافق عليها خبراء حقوق الإنسان أبرزها مبدأ عدم جواز العنف الذي يرتكز على مجموعة من الأسس أهمها أساس الحق في الحياة،الحق في عدم التعرض للتعذيب، لذلك يرفض إظهار نية الأذى أو المساس بكرامة الإنسان و وضعه،وهذا يعني بالضرورة أيضاً إن التهديد العقلي يعد انتهاكاً للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
يعتبر مبدأ الحرية هو نقطة البداية للإعلان الإعلامي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للحد من جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أي أن الإنسان يولد حراً ويتساوى في الحقوق والكرامة مع الآخرين،وتشير المادة الأولى من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى أن جميع الشعوب لها الحق في تقرير المصير وبناءاً على ذلك لهم الحرية في تقرير وضعهم السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي والثقافي في التنمية وعلى ذلك فأن المبدأ الأساسي في الحرية يعني أن كرامة الإنسان لا يمكن أن تتحقق طالما الناس يقعون تحت وطأة العبودية والقهر .إضافة لذلك مبدأ المساواة ومبدأ التضامن ، وحق الإنسان في التعبير .
* بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،