خالد عبد النبي – كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي – الخرطوم
الثلاثاء 13 ديسمبر 2022
وسارت بنا الحياة فى قلب أديس أبابا تعلمنا وتحكى لنا قصة الحضارة والتاريخ والشبه بيننا وهؤلاء القوم وأول كلمة تطرق أسماعى واجد لها رنينا”مألوفا” (أمسقنالوا) وهى كلمة أمهرية تعنى شكرا” ،يرددها الأحباش فى اليوم اكثر من اعدادهم التى تغص بها مدن وشوارع بلادهم وهذا يعكس لك صفاء الروح والأدب فيما بينهم والزوار، سمعت الكلمة وقفزت لطبلة أذنى كلمة(مسكاقلوا) وهى كلمة نوبية للسلام والترحيب ووجدت فيها شبه لكلمة امسقنالوا من حيث الوزن والتفعيلة وغيرها كثير من الكلمات التى لا أعرف معناها ولكن للشبه أربعين وجها”بدءا”من الملامح وانتهاءا” باللغة العربية .
شبه الموسيقى فى السلم الخماسي والايقاعات التى تشدك حد الحنين لكل شئ وبدا ذلك ظاهرا” فى الدارة التى رقصت فيها سن لايت ابنة خالة صديقى اسكندر وانا اغنى (يا مجروح وراحل من خاطر الحبيب حزنك مالا ساحل وجرحك ماب يطيب) وكانت ترقص على ايقاع الدليب كأجمل ما يكون بزمن متسق وتمايل بديع وضرب على الارض مع الرنة والايقاع لا قبل ولا بعد ، نظرت لوجهها الذي يحمل ندى الازهار التى تنبت عندهم ولعيناها وهما فى حالة عشق وتشبهان لحد بعيد أشياء قد تبدوا منطقية فى الوصف وقد تدخل فى خانة المبالغة ،لكنها قمر فى ليالى الريف وقهوة من مدينة هرر تدور رائقة فى فنجان لامع ..
انفض سامر الكرنفال وسألتها بسودانية مباغتة( اتعلمتى الرقيص الشايقى ده وين) وردت بضحكة( أنا اشتغلت سنتين فى ابوحمد وعملت كافتريا للدهابة) ( والله ماشاء الله اتعلمتى غنانا ورقيصنا سرعة) ابتسمت( انا اصلا ما لقيت صعوبة فى اللغة ولا الموسيقى ولا الرقيص لانى حسيت انو فى حاجات مشتركة كتيرة ) قاطعتها(يعنى القالب واحد) ردت( فعلا” وممكن تقول انوا الزول اغترب من بلدوا سنوات ورجع ليها تانى وده احساسي) ..
شنان تابع حوارنا بنصف وجه وقلب كامل ، كانه ينظر الينا وللبعيد ولكنه عقب على حديثى بانه مثل سن لايت يعيش شعورا”حقيقيا”بأنه زار الأديس فى زمن ما وقابل اسكندر وسن لايت ، كان فى تلك اللحظة مهموما” بدرجة أقرب للحزن واشعل سيجارته يراقب دخانها وأنا على يقين أنه فى حالة تفكير اقرب منها للكيف، وحكى لى بعد عودتنا للفندق عن شوقه الذى تحدثه به دواخله لهذه الهضاب ان فارقها قريبا” وهونت عليه ونصحته ( أشحن روحك يا شنان بكل جمال ولملم ثوب الخضرة وبعض حبات البن وضع ذلك فى حقيبتك وافتح دواخلك لزيفة الامطار ورائحة الورود وللوجوه الطيبة وللعطور التى لا تعرف كنهها وهى تحاصرك، ضم الاصوات وهرمنات الحناجر فى غرف القلب الاربع وافتح للطنابير مسارات فى جوف احساسك.. عليك ان تجتر ما تشبع منه لانك ستعود لديار فيها اهلك وكتلة من الاحزان.. فيها نخلاتنا وخوف المحصول الخاسر ، ولكن فيها دارات العشيرة التى سنحكى فيها لود الرهيو وللدقلوش ولعباس ولهيثم مامان ولكل السمار عن سن لايت والهضاب والطنابير والعيون التى تبتسم عندما تضحك سن لايت..
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،