الأزمة السودانية وسقوط الأقنعة وأهمية البحث عن حلول سودانوية لمشكلات السودان:

سعد محمد عبدالله-كاتب سوداني
الراصد الإثيوبي -السودان
الأثنين 10 مارس 2025
الأزمة السودانية الحالية من الأزمات الأكثر تعقيدًا في تاريخ البلاد وقارة افريقيا، ويحتاج هذا الوضع المعقد إلي إيجاد حلول إستراتيجية شاملة يصنعها السودانيون أنفسهم، ولا مانع في مساهمة الأصدقاء حول العالم من أجل بناء السلام الشامل والإستقرار المستدام؛ فما يمكن تحقيقه من مصالح مشتركة مع العالم في جو مستقر أكثر مما يتحقق في ظل الإضطرابات، أو لنقول لا يمكن تحقيق أيّ مصلحة مشتركة في مناخ الحرب بينما يتحقق كل شيئ في السلام الذي يأتي برغبة وإرادة السودان، ولكن محاولة فرض الحلول المستوردة من العواصم الخارجية لن يؤدي إلي إستقرار بل سيعيد تدوير الأزمات وتحويرها وتعقيد سُبل التوصل إلي توافق وطني في مناخ حوار سودانوي، وقد كان لنا وللعالم تجربة مريرة قبل أن تنفجر الحرب؛ حيث كنا نحذر من تداعيات إستيراد الحلول الجاهزة وإسقاطها علي المشكلة السياسية السودانية أو إقصاء الأخر وتقوي البعض بجهات غير سودانية ضد سودانيين، وكنا نحاول آنذاك مع آخرين في صناعة حلول سودانية لمشكلات السودان، إلا أن البعض لم يكونوا علي أيّ درجة من الإستعداد في التعاطي بايجابية أو حتى تفهم حقيقة الكارثة التي كنا نستشعر مخاطر وقوعها حتى وقعت الواقعة وحدث ما حدث.
التصورات الإنكفائية للأزمة السودانية أمرًا لا يتصل بمصالح السودان “لا من قريب ولا من بعيد” بل يستند علي مطامع إستعمارية لحكومات العدوان الممولة للحرب الإرهابية التي حرقت الممتلكات الخاصة والعامة وشردت وقتلت ملايين السودانيين، ومع إستمرار الخسائر العسكرية لمليشيا الدعم السريع في كل المحاور بدأ سينايو البحث الخبيث عن المخارج، ولكنه بحثًا من منظور “السارق الذي أراد الهروب بمسروقاته فسلم نفسه بنفسه إلي مركز الشرطة”، وهكذا فعلت حكومة كينيا التي أنكرت سابقًا صلتها بدعم الإرهابيين وقتل شعبنا الصابر في المدن والقرى لكنها فضحت أمرها حين إستضافت عاصمتهم فعاليات الإرتزاق السياسي والعسكري وأعلنت بعدها في بيان رسمي تبنيها “حكومة الأوهام” التي يتحدثون عن تشكيلها، وأثبتت كينيا بنفسها أنها تدعم الحرب الإستعمارية علي أرض غير أرضها في إنتهاك صارخ للقانون الدولي الذي يمنع التدخل في شؤون أيّ دولة ذات سيادة، وعلي العالم اليوم التكلم بصراحة وإدانة ذلك التوجه الإرهابي بشدة للحفاظ علي مصداقية المواثيق الدولية.
جيلنا الصامد والصاعد علي المشهد العام ولد وعاش تحت نيران الحروب التي لم تتوقف إلي اليوم، والصراعات السياسية التي كانت الصحف والإذاعات تنقلها في أخبار لا تخلو من القتل والإنفجارات حتى إختفت أخبار الآداب والفنون والرياضة، ويقف الشباب الآن أمام أضخم أزمة معقدة في تاريخ السودان الحديث؛ ولكن رغم كل التعقيدات الإنسانية والسياسية والإقتصادية والأمنية التي نعيشها إلا أن الوعي الوطني القومي جعل جيلنا يواصل الكفاح بصمود وجسارة مصوبًا أنظاره نحو سودان السلام والديمقراطية والمواطنة المتساوية والبناء الجديد للدولة الموحدة علي قيمها الجامعة لشعبها المتنوع إجتماعيًا وثقافيًا؛ فلا خوف مع هذا الشعور الوحدودي الذي يعطينا أمل بأن المتمردين والمستعمرين لن يستطيعوا أبدًا تفكيك دولة السودان وتقاسم مواردها وتهجير شعبها طالما هنالك أبطال شجعان يدافعون عن وطنهم وكرامتهم ومستقبلهم بلا هوادة في كل الساحات السياسية والعسكرية.
من يراهنون علي فوز مليشيا الدعم السريع المتمردة في التباري العسكري واهمون بنيل ما هو مستيحل، وحلفاء المليشيا لا يدركون حقيقة سقوطهم في بؤرة شديدة الإظلام؛ فيحاولون في تخبطهم العشوائي إستغلال ضعف وهوان المليشيا للترويج لأجنداتهم السياسية وركوب الموجة لتحقيق أهدافهم، وهذه طبعا مغامرة سياسية مع مجموعة مسلحة منبوذة شعبيًا وملاحقة بالقانون، والحسابات تؤكد إنهيار المليشيا الإرهابية وفقدان سيطرتها علي الميدان العسكري، وقد أصبح من غير الممكن علي الإطلاق القضاء علي الجيش السوداني الذي يحارب بجسارة ويقف إلي جانبه الشعب والقوات الصديقة المشتركة والمستنفرين ويحظى باحترام الحكومات الصديقة التي أعلنت وقوفها مع السودان حكومةً وشعبًا، وهذه الحقيقة يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس للعالم الخارجي، وهنالك الكثير من المواقف الدولية الداعمة لوحدة وسيادة السودان وسلامة شعبه العظيم، وينبغي أن يحشد كافة الأحرار عبر حملاتهم السياسية والإعلامية أصوات أكبر لمنع تفكيك الدولة وتدميرها وتحقيق السلم والأمن الإقليمي والدولي.
،،الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ،،